المحلل الدولي عبد المجيد العبدلي يكشف “للجرأة نيوز” حقيقة الانقلاب الاماراتي في تونس والقاعدة العسكرية في بلادنا
تونس – الجرأة نيوز: محمد عبد المؤمن
كثر الجدل في الأيام الأخيرة حول ملفين كبيرين تعلقا بتونس لكن امتدادهما تجاوز بلادنا ليكون اقليميا ودوليا.
الملف الأول يتعلق فيما عرف بمخطط الانقلاب الاماراتي في تونس والذي اكدت وسائل اعلام تركية كون المخابرات في هذا البلد كشفته.
اما الملف الثاني فيتعلق بما راج حول تواجد عسكري أمريكي في تونس بطريقة ما فالبعض تخوف من قاعدة عسكرية أجنبية ببلادنا وآخرون يتحدثون عن قرب مواجده بين الامريكان والروس على حدودنا.
هذان الملفان وغيرهما طرحناهما على المحلل الدولي والمختص في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور عبد المجيد العبدلي الذي كان لنا معه هذا الحوار :
وقد سألناه في البداية:
ما روج له حول مخطط انقلابي من الامارات في تونس هل هي حقائق أم مجرد تهويل اعلامي ؟
هذا الملف يجب التعامل معه بمنتهى الدقة والموضوعية لذلك اريد أن أنطلق من قناعة مثبتة وليست مجرد انفعال وهي ان الامارات ليست بهذه القوة التي تروج لها.
من هنا أعود بك لسؤالك لأقول أن مسألة حصول انقلاب او حتى التخطيط له يصعب جدا لكن في مقابل هذا فانه يمكن زعزعة النظام السياسي في تونس وهذا وارد واقصد هنا المحاولة او التخطيط لذلك.
لكن لماذا تعمل الامارات على زعزعة النظام السياسي في تونس؟
في البداية يمكن الرجوع الى ما صرح به رئيس جهاز المخابرات الاماراتي السابق ضاحي خلفان او كما يسمونه قائد شرطتها حين قال ان الامارات سترجع الربيع العربي خريفا عربيا . من هنا فاني ارى ان الامارات تلعب لبعة أكبر من جهدها واكبر من قوتها ولم يعد يروق لها ما يحصل في البلدان التي حصلت فيها انتفاضات وتغييرات لان ما حصل يعري النظام السياسي في الامارات .
لماذا تراها زعزعة للأوضاع وليست محاولة انقلاب؟
عندما نقول محاولة انقلاب فلا بد من اندساس داخل الجيش وداخل الأمن وتكوين خلايا تكون موالية لها والامارات ليس لها ذلك .
وهنا اريد ان افتح قوسا أراه ضروريا لفهم واستيعاب ما يحصل . ما أعنيه هنا هو ان الامارات تعمل حاليا على توطيد علاقتها مع اسرائيل واسرائيل تساعد هذا البلد في مخططات في دول اخرى مثل ليبيا واليمن مثلما يروج وهذا من ممكن لكن تونس وضعية اخرى فهذا البلد لم يحكمه الجيش مطلقا من 1956 . بالتالي فالحديث عن انقلاب يعني ان يكون للمخطط مجموعة سياسية تتبعه تستطيع ان تنقلب باستعمال القوة وهذا غير وارد في تونس لان الجيش بعيد عن السياسة.
لو نفهم الأمر بأكثر دقة. ماذا تريد الامارات من تونس؟
الامارات لا يروق لها النظام في تونس وهذا ثابت لأنها ترى انه يقترب اكثر من قطر .
هل يمكن هنا الحديث عن اطراف داخلية تتحالف معها وتخدم مصالحها؟
مجددا ارى انه امر يصعب فأنظمة مثل الامارات والسعودية لا تؤمن بالأحزاب والجمعيات السياسية فهي تدفع المال فقط لكن لا يوجد حزب في تونس يمتلك القوة لتغيير النظام اما يحصل فهو ان الامارات تنفخ في صورتها لتظهر في قوة كبيرة تخيف لكن يصعب جدا ان تجد موطن قد لها في تونس عن طريق حزب سياسي او مجموعة للانقلاب على المؤسسات القائمة .
من الناحية الاخرى واجابة على سؤالك فان الامارات تريد احداث البلبلة في تونس لكنها لن تجد في الشعب التونسي من يقبل بزعزعة الاستقرار وضرب المؤسسات مهما كانت التوجهات الايديولوجية مهما فعلت.
بماذا تفسر الانقلاب الكلي في الموازين في ليبيا في فترة وجيزة؟
السراج الى اين ذهب . الى تركيا.
ولماذا ذهب الى تركيا بالذات؟
لأنه يعرف ان اتفاق الصخيرات قد انتهى ولأنه يعرف ايضا ان تركيا في خلاف مع مصر او بالتحديد مع نظام السيسي وايضا يعلم ان تركيا في خلاف كبير مع الامارات ولها قاعدة عسكرية في قطر وهو يعرف ان الدول الاخرى التي قد يذهب اليها هي تساند الطرف الآخر بالتالي فهو لعب ورقة تركيا وهي نسبيا” لعبة ناجحة” .
لكنى هناك جانب آخر يتعلق بتركيا فهو أغراها بالثروة النفطية وابرام اتفاق امني وعسكري معها لذلك فما حصل ان تركيا كلفت قواتها بأن تحل محل قوات السراج وتقوم هي بالعمليات العسكرية بدلا عنهم .
هل يمكن هنا ان نتحدث عن انتصار لقوات حكومة الوفاق؟
الامر ليس بهذه البساطة . فالوضع في ليبيا ليس واضح المعالم فاليوم قد ينتصر حفتر لكنه غدا قد ينهزم والأمر نفسه للسراج لان كل الدول التي تساند الطرفين ليست لها ثقة في الطرف الذي تسانده .
بما في ذلك تركيا؟
بالتأكيد بما في ذلك تركيا . فهذا البلد تحرك بثقله لأهداف معينة منها المشكل مع السيسي والمنطقة العربية واقصد هنا الاحزاب فالكثير منها كارهون لتركيا ورافضون لها .
هل هذا الكره في محله؟
حسب تصوري هو ليس في محله فهذه دولة تبحث عن مصالحها كأي دولة اخرى وقد وجدتها في طرابلس لأنه من وراء ارسال جنود وغير ذلك هنالك ثروات نفطية فكيف ستحصل عليها اضافة الى ان هناك تصفية حسابات مع اطراف اخرى منها الامارات والسعودية وهذا في ليبيا.
بالتالي لا يجب على السراج او حفتر ان يفرحا بالدعم الخارجي لان هذه القوى التي اتت الى ليبيا ليست قوى استثمار في السياسة بل المنطق هنا ” ماذا ستعطيني وماذا سأعطيك” بل لا ابالغ ان قلت اننا ازاء لعبة شطرنج .
ولهذا فان تقدم السراج لا ارى انه وضع سيستمر فالوضع في ليبيا متحرك ويمكن ان يحصل تغيير مفاجئ .
لكن مع هذا فان الدعم التركي مختلف عن الدعم الاماراتي فأبو ظبي ليست لها الخبرة الكافية لدعم طرف بالقوة حتى ينتصر بل هي تدخلات عشوائية وغير مدروسة لذلك فاني اسميها لعبة شيطان واضحوكة لان ما يحصل هو تدخل بالمال وجلب مرتزقة لذلك الاستثمار في الاطراف الخارجية لن يكون مجديا بالمرة لكلا الطرفين في ليبيا.
الاتفاقية التي امضيت مع الجانب الامريكي في فترة الباجي قائد السبسي هل هي ملزمة لتونس خاصة وان من امضاها محسن مرزوق وليس رئيس الجمهورية؟
هذه امضيت باسم الدولة التونسية والدولة تتحمل التزاماتها فهناك ما يسمى بالتوارث فالأشخاص يذهبون لكن الدولة تبقى ومن امضى مع الجانب الامريكية هي الدولة وليس الشخص.
هل نحن نتحدث عن اتفاقية ملزمة؟
بدون الدخول كثيرا في تفاصيل معقدة حول القانون الدولي حتى لا نعقد الامور على قراء ” الجرأة نيوز” فاني اوضح مسألة وهي ان ما امضي هي مذكرة وبالتحديد مذكرة تفاهم ولا ترتقي الى درجة الاتفاقية لكن ما ورد فيها يلزم الطرفين .
هل مفهوم الالزام هنا اخلاقي ام قانوني؟
لا الالزام قانوني لانها تحمل امضاء من يمثل الدولة التونسية .
ومن مثل تونس وامضى هل صفته قانونية؟
هذا الامر بعالج في الاطار الداخلي وليس في اطر العلاقات الدولية.
هل يصل الامر الى ارساء قاعدة عسكرية أمريكية في تونس؟
منطقة المغرب العربي ليست من مجالات اهتمام الولايات المتحدة فالأمر مرتبط بترامب وهو تاجر مقبل على انتخابات رئاسية وحملة لذلك فهو ينشر كونه يواجه روسيا والهدف جلب الانتباه له انتخابيا وهذه القاعدة التي يتحدث عنها البعض لا تفيد لا امريكا ولا تونس فليس هناك أي قوات عسكرية روسية في المنطقة لنتحدث عن مواجهة بل بضعة طائرات في قاعدة ما فهو كلام اكثر منه فعل .