لا يحق للغرب ومنظماته الدفاع عن حقوق الإنسان بملفات مزورة ومكيالين

 

بقلم: محمد الرصافي المقداد

لم يعد لأمريكا ومنظماتها الدولية النافذة فيها، بقوة التأثير المادي والسياسي، من سبيل لتشويه مصداقية النظام الإسلامي في إيران في المجال الإعلامي، بتحريك إدعاءاتها الكاذبة ضده، عبر شخصيات تجندت لهذه الغاية الخبيثة، ارضاء لانتماءاتها الأيديولوجية، ولسيّدتهم أمريكا وطابورها من دول الغرب وعملائهم.

الشعب الايراني الذي مرّت عليه جميع هذه الحملات الدعائية التقريرية منها والاعلامية، أصبح محصّنا بشكل جيد من تأثيراتها النفسية عليه، وأخصّ بالذّكر منهم طائفة الولاء والوفاء للنظام الاسلامي، وهي شريحة تُعَدّ بعشرات الملايين، من مختلف شرائح الشعب ممن آمنوا بصواب منهجه، وسلامة أسلوبه في تعاطيه مع قضاياه، فربطوا مصيرهم به كليا، والتصقوا به التصاقا لا انفصام له، بحيث شكّلوا رافده المتين، في مواجهة أي خطر يتهدّده، وهذا ما يعلمه أعداء إيران علم اليقين، لكنهم يعملون على إخفائه دائما.

أمريكا وحلفاؤها وأدواتها المسخرة في هذا المجال أكثر من أن تعد، بحملاتها المتتابعة والمسترسلة، خصوصا فيما تعلق بحقوق الإنسان في إيران، لم تهدأ سنة واحدة، بتقاريرها وإدّعاءاتها المتحاملة عليها، والتي لا يجد قارئها صعوبة في كشف فبركتها، والتّأكد من خلفيتها السياسية، التي لا علاقة لها بأوضاع حقوق الإنسان في إيران، التي يجب أن ترى من داخل إيران وليس من خارجه، وتكتب بمصداقية خبراء نزهاء مستقلّين، لم يبيعوا ضمائرهم لأمريكا، وحلفها المعادي للنظام الإسلامي، وما يعنيه ذلك من دراية بحقوق الإنسان في الإسلام، من حيث الحقوق والواجبات والأحكام.

إنّ الاستهداف الذي خُصّتْ به إيران – باعتبارها حاملة مشروع سياسي إسلامي – تعلّق أساسا بأحكام الإسلام القصاصية كالجلد والإعدام، لمن ارتكبوا جرائم يستحق مقترفوها ذلك الحكم، بعد توفر مقدّمات الجرائم وأركانها، وانتفاء دوافعها الشرعية والقانونية كالدّفاع عن النفس، هذه الأحكام التي يعمل أدعياء حقوق الإنسان على إلغائها بشتى الطرق، ومنها هذه الأساليب الدعائية في تشويه النظام الإسلامي بأنه قاتل ومعذّب لمواطنيه، فيعتقدها من لا اطلاع لهم أنها كذلك، خصوصا إذا زادوها تنميقا دعائيا، بأن هناك في ايران مقابر جماعية، لإعدامات وقعت سنة 1988

وطالما ان مسالة حقوق الانسان سواء أكان بأمريكا نفسها أم ببقية دول العالم، منتهكة ومعتدى عليها فلماذا يخصون ايران تحديدا بالاعتداء ويخصصون لها مقررين عامين جاء سادسهم جاويد رحمن الباكستاني (فيصل أباد / باكستان)(1) بعدما عُيّن سنة 2018 ، خلفا لأسماء جهانجير (لاهور/ باكستان) بعدما توفيت عن عمر ناهز 66 سنة(2)، أما كيف يقع تعيين المقررين لحقوق الانسان ومحكمة العدل الدولية، فذلك قطعا خاضع إلى معايير عديدة، من بينها كون الشخص ناشطا في مجال حقوق الإنسان، مؤمنا ببنوده الغربية، بما فيها دعوته إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وصاحب فكر ليبرالي متحرر، ليس له علاقة بالدين لا نظريا ولا تطبيقيا، وأعتقد أن من سينال حظوته في هذه الوظائف العالية الأجر، من سيكون في ملفّه دلالات على عدائه أو مناقضته للإسلام عقيدة وشريعة، فلا يغترّن أحد بمسمّيات شخصيات إسلامية ظاهرا، هي أبعد ما تكون عنه، بل وهي في عداد محاربيه.

أما أن يتصدى لإدانة النظام الإسلامي أشخاص، كشفوا من خلال كتاباتهم عداء مبدئيا له، بحيث تفننوا في تزييف المقالات بشأنه، إنتصارا  وهميا لأفكارهم، وإرضاء لأمريكا وحلفها، وهنا التقت أهداف أزلام البعث، مع اتباع الفكر الوهابي التكفيري، مع الليبراليين من المتاثّرين بالثقافة الغربية، مع بقايا اليسار المعادي للإسلام كنظام حكم، فشكلوا منابر ومواقع شخصية ودولية، مستغلين وظائفهم التي شغلوها في صلب المنظمات الأممية، لغاية خدمة أهدافهم الشخصية الأيديولوجية.

إنّه من غباء الغرب وأزلامه من اللاهثين وراء إرضائه بباطل ما يدّعيه من بهتان، ويحشد ه هؤلاء المقتاتين من موائده القذرة، أن يقيموا ادّعاءاتهم على أساس إفادات أعداء النظام الإسلامي من قبيل (منافقي خلق)، الذين ارتكبوا جرائم فظيعة، بتصفية قيادات الثورة الاسلامية، وقتل مدنيين في أعمال إرهابية معروفة منذ انتصار الثورة في إيران، تغاضت وسكتت عنها دوائر الغرب الاعلامية ولم تقم دوائره السياسية بإدانتها، لأنها كانت ضمن رغبته في محاربة النظام الإسلامي بغاية اسقاطه.

حنق الغرب بانتصار السيد ابراهيم رئيسي دفعه الى تحريك بيادقه الاعلامية والقانونية من أجل بلوغ غاية ادانة هذا الرجل بجرائم وهمية لم يرتكبها، وهو عالم الدين والقاضي والمدّعي العام، الذي أصدر أحكاما إسلامية بحق إرهابيين، ثبتت عليهم جرائم اقترفوها، بحق شخصيات سياسية وعلمية ومدنية إيرانية، كانت جميعها موجّهة ضدّ النظام الإسلامي، ودعوة بيدق أمريكا والغرب (جاويد رحمن) إلى إجراء تحقيق بهذا الشأن(3)، محاولة فتح باب للنفاذ إلى إيران ومخادعتها من الدّاخل، فإيران والسيد رئيسي ليسا السودان وعمر البشير، لذلك فليسقط من رفع حجره لضرب إيران قبل أن يعود عليه بأشدّ وأقوى مما يتوقّع.

وعندما تتفق مواقف الكيان الصهيوني ودول الغرب بمنظماته الدولية التي يسيطران عليها، بشأن ايران وقائدها ورئيسها قيما ومبادئ ندرك جيّدا لعبة هؤلاء في صناعة وجه مشوّه للنظام الاسلامي، ومن الغبن والسخافة عند هذا المعسكر المعادي لإيران أنه دائم التغاضي على جرائم تفنن في ارتكابها  حلفاؤه كالكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين العزل، والنظام السعودي بحق معارضيه في سجونه الرهيبة، وما وقع لعدنان خاشقجي من بين آلاف الادلة على تورط حلفاء الغرب في انتهاكات فظيعة في مجال حقوق الانسان، وطالما أن تموقع النظام الاسلامي لم يكن معهم، بل في جبهة معادية لهم، اسسها لتكون منطلق انهاء الاستكبار والصهيونية من العالم، فستبقى ايران محل اتهام دائما ولن يضرها ذلك في شيء.

في موقع قناة كلمة (التابع لأهل السنة في ايران)، وأشكّ في هذه النسبة، التي طالما رفع شعارها من رفعه، وتبيّن فيما بعد، أنه أبعد ما يكون عن أهل السنة في ايران وفي خارجها، فهي مجرّد صفحات جعلت خصيصا لتشويه إيران، جاءت دعوة رئيس وزراء الكيان الصهيوني الجديد تعليقا على فوز السيد رئيسي بانتخابات الرئاسة في ايران: (إن القوى العالمية ينبغي أن تعيد النظر في المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي.)(4) محاولا بذلك التأثير على مسار المفاوضات واعادة الادراة الامريكية الى المربع الذي اتخذ منه ترامب قراراته الظالمة بحق ايران.

أمّا الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، (أغنيس كالامار) فقد علّقت رداً على إعلان إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران:(إن حقيقة أن إبراهيم رئيسي أصبح رئيساً، بدلاً من ملاحقته قضائياً على جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والاختفاء القسري والتعذيب، هو مظهر مأساوي للهيمنة المطلقة للحصانة في إيران. ) (5) فلم يكن مبنيا على حقائق في الواقع، وإنما على إفادات وشهادات أعضاء منظمة منافقي خلق الارهابية، التي تورطت وأدين أعضاءها، بقتل مئات من كوادر وعلماء وقادة الثورة الإسلامية، بغية إسقاط نظامها بسلسة اغتيالات وتفجيرات شهدتها إيران أوائل سنوات انتصار الثورة الإسلامية ونحن في الذكرى الأربعين لوقوع أكبرها واشدها ضررا (27و28/6/1981)، ومن الطبيعي أن يقوم النظام باستئصال شأفة هؤلاء المجرمين، الذين هرب منهم من هرب ليتحالف مع أعداء إيران خارجها، ويواصل تنفيذ اعتداءاته عليها من وراء الحدود.

مزاج الغرب مع من يمضي في تبعيّته إليه، وإيران طلّقت هذه الطريقة طلاقا بائنا، ولن تعود إليها كلفها ذلك ما كلّفها، فليُقرّر الغرب ومنظماته ما يقررون، فذلك لا يعني من حقيقة إيران الناصعة ولن يغيّر من مواقفها ومبادئها الاسلامية شيئا، ليبقى كل يعمل على شاكلته.

 

المراجع

 

1 – المدينة الباكستانية الصناعية: فيصل آباد http://arabic.pk/faisalabad

 

2 – أسماء جهانجير https://ar.wikipedia.org/wiki/

 

3 – لدوره بلجان الموت.. خبير أممي يدعو للتحقيق حول رئيس إيران

https://www-alarabiya-net.cdn.ampproject.org/v/s/www.alarabiya.net/amp/iran/2021/06/29

4 – رئيس وزراء اسرائيل: انتخاب رئيس ايران الجديد جرس انذار أخير للعالم

5 – العفو الدّولية تطالب بمحاكمة رئيس ايران الجديد

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى