كتب محمد الرصافي المقداد / اغتيال العلماء وسيلة الجبناء العاجزين عن المواجهة

بقلم: محمد الرصافي المقداد

ليس جديدا ان ينجح تحالف الموساد الصهيوني، والمخابرات الامريكية، مع الجماعات الارهابية التكفيرية، في اغتيال شخصية إيرانية عالية القيمة رفيعة المستوى، على تخوم العاصمة طهران، في عملية دقيقة الإعداد ومضبوطة المراحل، وبشكل مفاجئ، دلّ على أن هناك تقصيرا ما حصل وأتاح فرصة وفتح ثغرة أمنية للمنفذين المتربّصين، حتى يقوموا بتنفيذ ما أوكل اليهم.

السنة الفارطة حدّثني أحد الروحانيين – بشكل عام ودون تفصيل- عن اختراق داخلي في ايران، وطلب مني أن أنشر بما يفيد، أن تأخذ مؤسسات النظام الاسلامي الأمنية حذرها، من احتمال أي اختراق لإعداداتها الأمنية، في تراتيب حماية شخصيات البلاد الهامة، خصوصا والاعداء كثر، وهم يتربصون بعناصرهم العميلة في الدّاخل، فرصة الانقضاض على الشخصيات الفاعلة والهامة بالبلاد، وقد بينت عملية اغتيال العالم محسن فخري زادة، أن أي تساهل أو غفلة في اعداد حمايتهم، سيكون بمثابة هدية تقدّم للأعداء المتربصين، فمتى سيغلق ملفّ التقصير في هذا الخصوص؟

جدير بالذكر، أنه قد انطلقت عمليات اغتيال علماء الذرة الإيرانيين، ما بين سنتي 2010 و2012، باغتيال كل من الشهيد (مسعود علي محمد) عالم فيزياء الجسيمات، ومتخصص في الفيزياء الرياضية بتاريخ 12 يناير 2010، بواسطة قنبلة مغناطيسية الصقت بسيارته من طرف راكبي دراجة نارية(1)، ثم التحق به شهيدا العالم (مجيد شهرياري)، في 29 نوفمبر 2010 ، وهو فيزيائي وعالم فيزياء نووي(2) اغتيل بنفس الطريقة التي نفذها الموساد في اغتيال سلفه.

وفي 23 يوليو 2011 اغتيل العالم النّووي (داريوش رضائي نجاد)، شرق طهران (3)، من قبل ارهابيين، وفي 11 يناير 2012 التحق بركب الشهداء (مصطفى أحمدي روشن)، وهو عالم نووي وأستاذ جامعة، بواسطة قنبلة لاصقة على سيارته(4).

واستطاعت السلطات الايرانية حينها، القبض على جميع المتورطين في عمليات الاغتيال، وتحقيق القصاص العادل بشأنهم، بعدما اتهمت الموساد الصهيوني والمخابرات الأمريكية، بأنهما يقفان وراء الاعداد لتلك العمليات الجبانة، وأوكلا مهمة تنفيذها لعملاء لهما من داخل ايران، كانت استقطبتهم قبل ذلك، واعدّتهم لتنفيذ عمليات الاغتيال.

الا يكفي ما خسرته إيران من شهداء، كانوا أحد ركائز برنامجها النووي الواعد، ليس لها فقط، وإنما للأمة الاسلامية جمعاء، وما تحققه ايران كل مرّة، أعلنته من قبل على السنة قائدها وكبار مسؤوليها أنه ذخر للأمة قاطبة، ورصيد يضاف على طريق نهضتها.  

جدير بالذكر، أن الشهيد فخري زادة، تولى رئاسة منظمة البحث والتطوير التابعة لوزارة الدفاع الايرانية، وافاه الأجل المحتوم بالمستشفى، نتيجة إصابته بجروح خطرة، اثر هجوم ارهابي استهدف سيارته، وان محاولة الاغتيال جرت في مدينة (أبْسَرْدْ) بمقاطعة (دَمَاوَنْدْ) شرق طهران، بعدما اقدم المنفّذون على تفجير سيارة، لإيقاف السيارة التي يقلها فخري زادة، واطلاق النار عليها بدقّة، وردّ فريق الحماية على المهاجمين.(5)

وفيما سادت حالة من الحزن والألم في إيران ومحور المقاومة انصارهما، على فقد هذا الرجل العالم الذي قدّم لبلاده وللعالم الاسلامي ثمرة جهوده الجبّارة، التي سارت قدما نحو تطوير القدرات التسليحية للجيش الايراني والحرس الثوري، مما اثار غضب اعداء ايران، فأدرجت وزارة الخارجية الأميركية اسمه على لائحة العقوبات عام 2008 على خلفية “نشاطات وعمليات ساهمت في تطوير برنامج إيران النووي”، وسبق لإسرائيل اتهامه بالوقوف خلف البرنامج النووي “العسكري” الذي تنفي إيران وجوده.(6)

أعداء الاسلام يريدون من تجفيف منابع بلادنا الاسلامية من العلماء وعلومهم، وضعنا تحت سيطرة تفوقهم العلمي علينا، ومنعنا من التقدّم ولو نسبيا فيه، خوفا من انفلات عقال مبدعينا وعلمانا، فيصعب عليهم بعد ذلك، ايقاف تقدّمنا العلمي والتقني وتجاوزهم، وبالتالي فرض منطقنا، واستعادة حقوقنا المسلوبة بالقوة، وهذا ما يحسب له الغرب والصهيونية ألف حساب، ويعدّون له من الأساليب لمنع تحققه، ولو كلفهم ذلك انتهاج هذا الاسلوب من  الغدر، وطبع الغرب والصهيونية الذي عرّفنا به دائما هو الغدر.

وفيما وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر تويتر، أصابع الاتهام الى الدولة العبرية .وكتب “قتل إرهابيون عالما بارزا اليوم. هذا العمل الجبان – مع مؤشرات جدية لدور إسرائيلي – يظهر نوايا عدوانية يائسة لدى المنفذين”، داعيا “المجتمع الدولي، لا سيما الاتحاد الأوروبي، الى الكفّ عن معاييره المزدوجة المعيبة وإدانة عمل إرهاب الدولة هذا”.

وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن وصف فخري زاده بأنه “أب البرنامج النووي العسكري الإيراني”.(7)

أعلن وزير الدفاع الايراني أمير حامتي في تغريدة له على تويتر:إن اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده يظهر “عمق كراهية الأعداء” لطهران.

وقال اللواء محمد حسين باقري في تغريدة عبر تويتر نقلتها وكالة الأنباء الرسمية “إرنا”، إن عملية الاغتيال شكلت ضربة “مرّة وقوية، وعلى المجموعات الإرهابية والقادة ومنفذي هذا العمل الجبان، أن يدركوا أن انتقاماً قاسياً ينتظرهم، لن نرتاح حتى نطارد ونعاقب منفذي اغتيال الشهيد محسن فخري زادة.

المراجع

1 – مسعود علي محمد – ويكيبيديا

2 – مجيد شهرياري – ويكيبيديا

3 –  داريوش رضائي نجاد – ويكيبيديا

4 –  مصطفى أحمدي روشن – ويكيبيديا

5 – تفاصيل عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن زادة

6 – إيران تتهم إسرائيل باغتيال عالم نووي بارز وتتوعد بالانتقام

7 – إيران تتهم إسرائيل باغتيال عالم نووي بارز وتتوعد بالانتقام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى