عندما يبدو (مَاكْرُونْ) في قمّة غبائه
بقلم: محمد الرصافي المقداد
منذ ان بدأت انحرافات البشر عن خط صفوتها، من انبياء ومرسلين وائمة هداة ورجال صالحين، وابتعدت بصورة غير مبررة عن أحكام الله لتقع باجيالها في مصائد الشيطان بما فيها من فتنة كان هناك خط آخر ثبت على منهاج اوليائه فلم يبدل ولم يغير، وظل وفيا له مستمرا فيه الى اليوم وان كثر في مقابله ائتلاف مخالفيه وتجمعهم في معسكر واحد هدفهم الأساس افشال جهوده في اعادة الناس الى رحاب الهداية الإلهية.
هذا الصراع بدأ متخفيا، ثم ظهر من خلال أعمال عدائية تمثلت في عنصرية دينية مقيتة، تعرض لها المسمون في بلدان الغرب، وكشفت مدى انحطاط القيم لدى مُدّعي الحرية والإنسانية، ثم تطورت الى الاساءة لرمز الإسلام الأول، النبي أبي القاسم محمد(ص)، بعدما هيأت لزرعها دول استعمارية، بثقافتها المنحرفة، الداعية الى التحرر من كل شيء حتى المقدّس، والمقدس عندهم فقط، هو فكر الغرب وثقافته المعادية للإسلام.
واحد من جملة رؤساء الغرب، وكردّ فعل صدر منه، تمنطق بعداء غير مبرر، وتحصن بردة فعل غير عاقلة دلّت على عقدة خبث متأصّلة فيه، بعد مقتل أحد المسيئين للنبي (ص)، فهاجم ما أسماه بالاسلام الراديكالي، وهو لا يقصد به سوى الاسلام الحقيقي العملي، الذي يرفض الاذعان لنزوات وأهواء اعدائه.
يبدو أن (امانويل ماكرون)، وهو يجترئ على الاسلام، قد نسي أن أتباعه في فرنسا، يعدّون بعشرات الملايين اليوم، فماذا هو فاعل لو تحركت نسبة من هؤلاء ضدّه، وهي غير مؤطّرة بما يكبح جماح اندفاعها؟ انه الحمق بعينه، هذا إذا لم تكن هناك مؤامرة أثارها أعداء التعايش السلمي، بين اتباع الاديان في فرنسا والعالم، يراد منها ادانة المسلمين، فيما سيصدر عنهم من ردود أفعال، واردة أن تصل الى العنف، حيث لا سلمية في هذه الحال، بعدما تكررت فصول الإساءات، ولم يعد يجدي التحرك السلمي، امام تعنت واصرار الغرب، على مواصلة الاساءة لأقدس المقدسات الإسلامية.
ففي وقت سابق من الأسبوع الماضي، قال الرئيس الفرنسي أثناء حفل تأبين (باتي)، الذي أقيم في جامعة السوربون، إن فرنسا لن تتخلى عن الرسومات “وإن تقهقر البعض”، مضيفا أن (باتي) قتل، لأن “الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا”.(1)
اساءة ماكرون تشعل غضب المسلمين
لا شك بأن اعادة نشر الصور المسيئة للنبي(ص)، وتصريحا الرئيس الفرنسي، قد القت بظلالها على لمشهد السياسي في العالم، وقد صدرت ردود افعال رسمية عديدة، معبرة عن غضبها واستيائها من ذلك الاستهداف، داعية الى التعقل واحترام الأديان، حتى لا تكون تهجمات المتطرفين ضدها، مبررا لتنامي حالة العداء بين أتباع مختلف الأديان، وفتح باب الفعل وردّ الفعل.
فقد جاء نص البيان الذي أصدره قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي بعد نشر الصور المسيئة للنبي(ص) ما يلي:
إن الخطيئة الكبرى، والتي لا تغتفر، لإحدى المجلّات الفرنسية في إهانة الوجه المشرق والمقدس للرسول الأعظم (ص)، تكشف مرة أخرى عن عناد وحقد محفوفين بالشّر، تضمرانه الأجهزة السياسيّة والثقافيّة في العالم الغربيّ، تجاه الإسلام والمجتمعات الإسلاميّة، إنّ ذريعة حريّة الرّأي، التي صرّح بها المسؤولون الفرنسيّون، من أجل عدم إدانة هذه الجريمة الكبرى، مرفوضةٌ بالكامل وخاطئة ومخادعة للرأي العام، إن السياسات المعادية للإسلام من قبل الصهاينة، والحكومات المتغطرسة تقف خلف مثل هذه التحركات العدائية، والتي تتكرّر بين الفينة والأخرى، قد يكون هدف هذه الخطوة في هذه الفترة، حرف أذهان الشعوب والحكومات في غرب آسيا، عن المخططات القذرة التي ترسمها أمريكا والكيان الصهيوني لهذه المنطقة، يجب على الشعوب المسلمة، وخاصّة في بلدان غرب آسيا، ألا تنسى أبدًا عداء السياسيين والقادة الغربيين للإسلام والمسلمين، مع الحفاظ على اليقظة في قضايا هذه المنطقة الحساسة، والله غالبٌ على أمره. (2)
سارعت ايران على لسان (خطيب زادة) المحدث باسم الخارجية الإيرانية، للتنديد بشدة على أي إساءة للأنبياء (ع)، وبخاصة خاتمهم النبي الأكرم(ص)، وقال بهذا الخصوص: لا شك أن التحركات والإجراءات المفوضة والعنيفة، من عدد محدود من المتطرفين، والنابعة ممارساتهم من فكر متطرف، ومنحرف في العالم الاسلامي، والذين يُعدُّ أصحابها شركاء سياسيين، قريبين من الغرب وأمريكا، لا يمكنها اطلاقا، أن تكون مبررا للإساءة، وعدم احترام شخصية سماوية، تحظى باحترام مليار و600 مليون مسلم في العالم .. ان موقف المسؤولين الفرنسيين، لا يعد ردا مناسبا وحكيما على التطرف، والعنف المرفوض بحد ذاته، ومن شأنه أن يؤدي لتصعيد الكراهية، مثلما نشهد بعض التحركات المشبوهة والمستهجنة، في الإساءة الى مقدسات القرآن، من قبل عدد محدود من التيارات المتطرفة، المناهضة للإسلام في بعض الدول الأوروبية، والتي هي مدانة بشدة.. وأعلن (خطيب زادة) تضامن ايران مع مواقف الدول الاسلامية، في ادانة الاساءة الى القيم الاسلامية وعقائد المسلمين، معتبرة اياها أمرا مرفوضا. (3)
كما أدان حزب الله بشدة، الإساءة المتعمدة لرسول الله الأعظم محمد بن عبد الله (ص)، وأعرب عن رفضه المطلق للموقف الرسمي الفرنسي، المتمادي بتشجيع هذا التطاول الخطير، بحق نبي الرحمة، ورسول السلام(ص).. ويأسف حزب الله لعودة هذه الإساءات مجدداً، وما يُرافقها من مشاعر الكراهية للإسلام والمسلمين، ويعتبر أن ما نُشر في فرنسا، يَمس بمشاعر أكثر من ملياري مسلم، ومن بينهم الجالية الإسلامية والعربية، التي تَعيش في أوروبا وفرنسا منذ عقود.. ويُؤكد أن كل الإدعاءات الزائفة بحرية الرأي والتعبير، لا يُمكنها أن تُبرر التعرّض المرفوض لمقام رسول الله (ص)، والإساءة إلى الأديان والمعتقدات السماوية، ويَدعو السلطات الفرنسية، للعودة إلى التعقل والحكمة، والاحترام الصريح للأديان والقيم الدينية، والمساهمة الإيجابية، في منع خَلق المزيد من أسباب التوتر، على المستوى الدولي. (4)
في هذا الظرف الوبائي المربك للعالم، يظهر ادعياء التحرر من المقدسات من أيتام الفرنكوفونية، بعنوان حرية الرأي والتعبير، في استعداء جديد، غير عفوي ومقصود على نبي الاسلام(ص)، قد يخفي مخططا، يسعى الى تهديد السلم العالمي، في ظل تأجج النزعات الدينية المتطرفة، ويقذف بالامن والاستقرار العالمي، الى حافة صراع لا يعرف أوله من آخره، ويكون وبالا على الجميع.
المراجع
1 – ماكرون: لن نتخلى عن الرسومات الساخرة
2 – بيان قائد الثورة الإسلامية المعظم إثر الإهانة التي ارتكبتها مجلة فرنسية بحق الرسول الأعظم (ص)
3 – ايران تدين بشدة الاساءة الى النبي الاكرم (ص) في فرنسا
4 – من فرنسا الى لبنان تواصل الإدانات لتصريحات ماكرون