دردشة / يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة : وتحققت الجمهورية العربية الإسلامية
أتذكر انه يوم 12 جانفي 1974 لما كنت على القيروان واليًا اتصل بي بعد منصف النهار المرحوم عمر مصدق، وكان مديرا عاما للإدارة الجهوية (أي وال الولاة) بوزارة الداخلية وقتها وأشار عليَّ بملازمة الإقامة بمقر الولاية للاستماع بانتباه لبيان هام سيذاع بعد الرابعة مساء، والتفاعل مع ما يتبعه من ردود أفعال متوقعة، وبدون ان يزيدني عن ذلك، وهو ما ادخل عليَّ تشويشًا زائدا لم تبدده التأويلات التي خامرتني عندها،
وبالفعل كان بيانا غير متوقع أو منتظرا أذيع على أمواج الأثير بالإذاعة الوطنية بصوت وزيرنا للشؤون الخارجية وقتها، محمد المصمودي عليه رحمة الله، وتعلق باتفاق بين رئيسنا الحبيب بورقيبة والعقيد معمر القذافي، وقد قررا اعلان الوحدة بين تونس وليبيا، واختارا لها اسما جديدا تمثل في الجمهورية العربية الإسلامية وعاصمتها القيروان.
أتذكر انه وقتها كانت ردود الفعل الشعبية التي تمثلت في مسيرات تلقائية، كلها مؤيدة أصحابها منشرحة، ولكن تلك الوحدة أجهضت قبل ان تتشكل لأسباب لا فائدة من ذكرها.
تذكرتها ليلة البارحة وانا اتابع الحوار الذي اجراه رئيس جمهوريتنا بمناسبة مرور مائة يوم من توليه الرئاسة كما وعد.
قال فيما قال انه عازم على إنجاز مدينة صحية متكاملة بتلك المدينة الفاضلة التي عشت فيها نحو ستة أعوام كوال، وكنت اتحسر على الفرصة السابقة التي تم إجهاضها لأسباب غير مقنعة، الا الأنانية المفرطة وحب البقاء في السلطة المطلقة خدمة لأغراض أرادها المستعمر لأوطاننا لما قسم العالم العربي ووضع بين شعوبه حدودا مصطنعة بتنا متمسكين بها أكثر بالرغم عما نراه من تكتلات إقليمية جارية واهمها في أوروبا التي بات يجمعها اتخاد.
لقد استبشرت بذلك القرار الذي رأيت في صباح الغد من يبخسه ويحقره وينفي الصفة عن قائله، في حين انه يرد بعض المجد الذي كان لتلك المدينة التي كانت لقرون عاصمة لدولة الأغالبة.
قدرت بهذه المناسبة عدم الدخول في نقاش لا طائل منه مع هؤلاء الذين لا يعرفون من التاريخ الا حاضره وينسون ما تركه الأوائل قبلنا من الحضارة وما بقي منها مزارا للزوار، ونسوا ان تلك المدينة كانت في يوم أيام مجد الإسلام عاصمة تتبعها دول وولايات عدة فتحت بفضل رجالها مثل الأندلس وصقلية والجزائر والمغرب الأقصى.
انهم يستكثرون عليها ما عزم عليه رئيس جمهوريتنا وأخذوا في نقده والطعن فيما جاء في حواره وكأنهم كانوا قبلها أحسن حال لما كان اغلبهم لا يقدر على فتح فمه بكلمة واحدة الا للتسبيح بفضل الحاكم والسعي للتقرب منه زلفى بالكذب والنفاق.
لذا فاني اتأسف لما بدر من البعض بدون سببًا ونحن في فترة بناء للديموقراطية التي تتطلب صبر أيوب لو نعلم.
تونس في 31 جانفي