تحت المجهر/ بقلم محمد عبد المؤمن : الروس يقيمون قاعدة عسكرية في ليبيا قريبة من تونس والجزائر ويحشدونها بقوات “فاغنر”…
عندما أطلق خليفة حفتر حملته على العاصمة الليبية طرابلس غرد الرئيس الامريكي ترامب داعما له واعتبر ان هذه الحرب هي بالأساس ضد الارهاب.
بعد فترة وجيزة تدخلت المؤسسات الرسمية في واشنطن وعدلت البوصلة وبينت الموقف الرسمي الامريكي وهو انها مع الشرعية الدولية وتمت الدعوة لوقف القتال الدائر والرجوع للمفاوضات.
هذا الموقف لم يمنع من كون الامريكان كانوا يدعمون حفتر خفية او على الاقل يتمنون نجاحه في اقتحام طرابلس لانهم ينظرون لما يحصل كونه صراع بين جيش نظامي هو في الاصل بقايا كتائب القذافي وميليشيات مسلحة جلها اسلامية التوجه.
هذا الموقف بقي على حاله حتى بعد الادراك كون دخول حفتر لطرابلس صار شبه مستحيل خاصة بعد الدعم الذي تلقته حكومة الوفاق من الاتراك الذين رموا بثقلهم بعد ان كشف الدعم الاماراتي والمصري لحفتر .
ما حصل في ليبيا في الاشهر الأخيرة كان حربا بين حكومة الوفاق وداعميها من التشكيلات المسلحة لقوات حفتر التي يصبغ عليها صفة الجيش الليبي وهي تسمية لم تقنع حتى الغرب انفسهم.
لكن مع هذه المواجهة المباشرة هناك حرب اخرى خفية بين طرفين الاول بقيادة تركيا ومشاركة القطريين والثاني مصر والامارات
في الفترة الاخيرة حصل تغير كبير في الموقف الامريكي وفجأة تعدل البوصلة وتدعو امريكا حفتر لايقاف حملته على طرابلس بل وتصعد من لهجتها وخطابها ضده.
السؤال هنا : ماذا حصل ليتغير الموقف الامريكي كليا وتنتقل واشنطن من دعم ضمني لحفتر الى دعم واضح وصريح لحكومة الوفاق ؟
بالتأكيد الامر لا علاقة له بمحبة ظهرت فجأة من الامريكان لفائز السراج .
ما حصل يمكن ان نختصره في حدثين بينهما رابط مشترك.
الاول ثبوت تدخل ما يسمى بمرتزقة روس في ليبيا ونعني هنا مقاتلي شركة “فاغنر” الامنية.
الثاني تسرب معلومات كون الروس سيطروا على القاعدة الجوية “الوطية” في الغرب الليبي وحشد مقاتلين فيها.
لو عدنا الى المسألة الأولى وهي ما يذكره بعض المحللين بكونه مرتزقة روس ونعني عناصر “فاغر” وهي في الحقيقة تصنف كونها شركة امنية خاصة مثل “بلاك ووتر الأمريكية” لكن حتى هذا التصنيف ليس دقيقا لانها في الحقيقة فرقة عسكرية روسية تتبع وزارة الدفاع مباشرة لكنها تعمل في نطاق السرية وقد نفذت من قبل مهام قتالية في اوكرانيا ثم في سوريا والان تستقدم الى ليبيا.
المعطى الاخر المهم هنا هومكان تمركز هذه القوات وهو المنطقة الغربية أي قريب من تونس والجزائر في حين انه لو كان الهدف محاربة الارهاب والجماعات المتطرفة لتمركزوا في الجنوب وقرب بلدان الصحراء حيث تتواجد القاعدة ومقاتلو داعش.
هذا الامر هو الذي غير مواقف الامريكان كليا بعد ادراكهم كون الروس وبعد ان افتكوا المبادرة في سوريا يجلبون قواتهم وعتادهم الى شمال افريقيا ويضعون لأنفسهم موطن قدم في ليبيا .
من هنا يمكن ان نفهم لماذا لم تعارض الولايات المتحدة الدعم التركي لحكومة الوفاق الذي اعلن مؤخرا في شكل اتفاقية عسكرية مع السراج هي الثانية لكنها هذه المرة ستكون اكثر فاعلية بمعنى ان الامريكان هذه المرة يرحبون بالتدخل التركي في ليبيا ودعم الطرف الذي تعترف به الامم المتحدة كحكومة شرعية أي حكومة الوفاق لان ما يحصل هو مواجهة مشروع روسي .
السؤال الآخر الذي يطرح هنا هو: ما الذي يأتي بالروس الى المنطقة؟
لنتجاوز مسألة الصراع على الثروات فهي ثابتة لكن معها هناك جانب آخر وهو البحث عن المناطق الاستراتيجية والسيطرة عليها فروسيا ترى اليوم انها استعادت قوتها وصارت لاعبا مهما في العالم وبالتالي هي تريد منافذ لإفريقيا . خاصة بحرية فبعد السيطرة على ميناء طرطوس في سوريا هي لريد مركزا آخر في شمال افريقيا وبابا على كامل القارة وهو نفس الهدف الذي فشل فيه الامريكان سابقا عندما حاولو ا ايجاد مكان “للأفريكوم” لكن طلبهم رفض واضطروا لإقامتها في عرض البحر المتوسط.