بكل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن / لأن كل شيء صار مباحا في وطني: نأمل الا يزحف الفساد الى حملة التلقيح ضد كورونا

كتب محمد عبد المؤمن :

في تونس اليوم صار الفساد أمرا عاديا بل لن نبالغ ان قلنا ان وجود قطاع في وضعية طبيعية هو ما يدعو للتعجب .

للأسف تونس اليوم تعاني من مرض خطير ومميت هو مرض الفساد والجشع .

فالفساد تحول الى عقلية وثقافة وطريقة حياة والكل شعارهم ” كول وأوكل” وانا ومن بعدي الطوفان ودبر راسك ونفسي لا يرحم من مات.

هذه ليست تونس التي نعرفها ولا هؤلاء هم التونسيون لكن كفانا كذبا على انفسنا فالفساد نخر كل القطاعات واصاب كل المجالات بلا استثناء من السياسة نزولا .

خوفنا اليوم لم يعد على فقدان الديمقراطية ولا الحريات بل على ان يأكل الفاسدون الاخضر واليابس.

وفق ما اعلنه وزير الصحة مهدي فوزي في ندوة صحفية امس فان حملة كبيرة ستنظم من اجل تلقيح التونسيين وانه تم عقد صفقة لتوريد 2 مليون جرعة وان هناك اتصالات وعمل متواصل لتوفير جرعات اخرى من مصادر اخرى.

ليضيف ان الحملة ستكون وفق منظومة كاملة سيتم اعتماد التكنولوجيا الرقمية فيها حتى يكون التلقيح عادلا بين التونسيين.

كما بين الوزير ان هناك شرائح لها الاولوية مثل المسنين والمصابين بأمراض مزمنة والعاملين في قطاع الصحة.

الى هنا فالأمر واضح وهو جيد جدا ووزير الصحة مشكور .

لكن

للعلم فان لكن هذه هي موطن الداء والاعداء ومربط الفرس كما يقال .

لكن هذه تحضر فيما طرحناه أي حملة  التلقيح التي ستشمل الملايين . ووفق ما برمج فان نصف الشعب التونسي سيلقح حتى يمكن ان نقول اننا سيطرنا على المرض او الوباء.

علينا ان نذكر هنا كون جماعة ” باسم الله والعياذ بالله” لم يتركوا شيئا الا واشروا عليه بفسادهم وكلنا يتذكر صفقة دعائم القلب المغشوشة والتي قبرت كملف ونسيت او بالأصح تم تناسيها.

الفساد زحف ايضا على قوت التونسيين ونذكر هنا صفقة القمح الفاسد والمسرطن والكاكوية الفاسدة المتعفنة وغيرها كثير وجله مر ولم يكشف.

اليوم تبرم بلادنا صفقة اولية بالمليارات لشراء 2 مليون جرعة لقاح وستعقبها صفقات اخرى حيث ان تلقيح نصف الشعب يتطلب 12 مليون جرعة على الاقل وعلينا ان نخمن ما سيرصد لها.

السؤال هنا: هل هناك ضمانات بالا يزحف الفساد عليها ونرى  الجماعة الي متخافش ربي تبتكر طريقة ما لتملأ جيوبها وتستفيد؟

قد يقول البعض ان هذا مستبعد فالمسألة مسالة حياة او موت .

لكننا نتقول ان هؤلاء لا يعنيهم لا حياة ولا موت ما يعنيهم هو ما سيجنونه من مال .

الفساد الذي نخشاه قد لا يتعلق بالصفقات في حد ذاتها بل في عملية التوزيع لأنه مثلما نرى مسؤولين يوزعون الاسمدة للفلاحين بالمعارف ويجعلون لها سعرا معينا يحددونه هم حتى يسلموه لمن يحتاجونه فقد فعلون هذا مع التلاقيح ونرى الجماعة توزع اللقاحات على الاهل والاحباب والاصحاب والمؤلفة قلوبهم وأيضا من يدفع لهم.

قد يكون ما نقوله مبالغة او بالأصح قد ينظر اليه البعض كونه كذلك لكننا لم نعد نستغرب شيئا في تونس اليوم لان حجم الفساد فاق كل الحدود وهو ما يجعلنا لا نطمئن لمن يخدعنا ولو مرة واحدة فما بالك بمن يخدعوننا منذ عشر سنوات.

نرجو ونتمنى الا يحصل هذا وتكون مخاوفنا لا اساس لها لكن التمني يفيد الاستحالة كما يقول النحاة .

فمن يأتي بقمح مسرطن الى بني وطنه ومن يأتي بنفايات اوروبا وايطاليا ليدفنها في تراب بلاده لن يتورع عن القيام بأشياء اخرى .

نشر هذا المقال في الجرأة الأسبوعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى