بكل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن / ثورة الشباب استحوذ عليها الشيوخ

كتب محمد عبد المؤمن :

من بينه المصطلحات التي تطلق على ثورة تونس كونها انتفاضة وانها الربيع العربي وغيرها من المصطلحات الرنانة التي لم تتحقق على ارض الواقع.

فالربيع تحول الى شتاء والياسمين تحول الى اشواك كثيرة .

لكن ما لا يمكن التشكيك فيه كون هذه الثورة  قام بها الشباب وفجروها وهم من تصدوا لآلة القمع لبن علي وزبانيته ودفعوا الثمن من دمائهم وارواحهم.

لكن بعد ان استتب الامر  تقدم الشيوخ لجني  الثمار واستحوذوا على المحصول .

منهم من جيء به من كتب التاريخ ومنهم من استقدموه او قدم مسرعا مهرولا من وراء البحار وعقدت الاجتماعات والنقاشات وتم توزيع الكعكة والغنيمة.

عشر سنوات مرت وهؤلاء يتصدرون المشهد حيث صاروا زعماء وقادة وشيوخا ومنظرين ثم حاكمين ورؤساء.

اما الشباب فقد جنى الاحباط والبطالة والفقر والمعاناة ومعها الوعود والكلام المنمق الجميل الذي يربط دائما ب ” س” وسوف” للمستقبل.

سنعطيكم

سنحقق لكم

سترون الانجازات

كل هذا ينقلب فجأة الى

ليست لنا عصا سحرية

اصبروا

الوضع العالمي والاقليمي لا يسمح.

ومعه فان الجماعة يخدمون انفسهم واحزابهم بل منهم من يخدم نفسه وعشيرته والمقربين منه والمؤلفة قلبوهم .

الشباب ثار على الفقر والظروف الصعبة ومعها انطلقت الشعارات السياسية لأنه ظن ان التغيير لأوضاعه لا يمكن ان يحصل الا بتغيير النظام فنادى وصاح يسقط النظام .

لكن النظام بقي والفقر بقي وزاد .

تغيرت الوجوه والاسماء والمنظومة هي ذاتها.

كان هناك طرابلسية وعائلة بن علي واليوم صار هناك الكثير الكثير من الطرابلسية وبن علي لكن بأسماء ومسميات اخرى.

ليس المهم تقديم السرديات حول ظروف الثورة وهل نجحت ام لم تنجح لان الاهم منه كيف يتم تفادي هذه المعادلة الخاطئة.

الخطأ الاساسي يحصل في صناديق الاقتراع أي هل ان التونسي اختار فعلا من يجب اختياره؟

وهل يختار الشاب التونسي بعقله ام بانفعالاته وتردده؟

هذا هو الاشكال الحقيقي .

فالمؤمن لا يلدغ من حجر واحد مرتين فما بالك ان خدع من نفس الحجر ثلاث واربع مرات فهل ينتظر التغيير في الخامسة؟

الخطأ الثاني في تصديق الوعود ففي الدول الديمقراطية تكون الوعود الانتخابية الزامات وهي عبارة عن عقد اجتماعي ممضى وموثق لكن عندنا الوعود الانتخابية مجرد كلام وكذب واكتب على ظهر الحوت وطيش في البحر والى اللقاء في الانتخابات القادمة.

الخطأ الثالث وهو الاخطر عدم المحاسبة فالسياسي في الدول الديمقراطية لا يمنح شيكا على بياض بل يحاسب بالمؤسسات والامر لا يترك للانفعالات الشخصية والطلعات الفردية اما عندنا فان الكثيرين يسلمون زمام امرهم لمن يفكر عنهم  ويقرر بدلا منهم تحت ذرائع كثيرة فهو الشيخ والرمز والزعيم والقائد وغير ذلك في حين ان النظام الديمقراطي يقوم على المؤسسات لا على الافراد .

امر آخر مهم جدا وهو ان حالة الاحباط لدى الشباب لا تبرر الانسحاب من المشهد وترك الامر لمن تجاوزهم العصر وتجاوزتهم الظروف والاحداث بل ان المشاركة في الحياة السياسية هو الاساس للتغيير والامر يبدأ من الاحزاب ذاتها أي ان التغيير يندلق من هناك فلا مجال اليوم لقائد او زعيم مدى الحياة او شخص منزه ومقدس وولي امر وراع .

في تونس الوجوه تتكرر ولو قمنا بعملية تتبع ورصد لوجدنا السمات هي نفسها فكل حزب مرتبط بشخص وفرد هو الزعيم الملهم ومن يأمر فيطاع بل ان هناك احزابا لا يعرف منها الا رؤساؤها وغير ذلك فلا شخصيات اخرى تظهر في المشهد أي النها احزاب فردية او حتى عائلية .

والامثلة كثيرة هنا:

فالنهضة تعني الغنوشي

والتيار آل عبو

وقلب تونس نبيل القروي

والدستوري الحر عبير موسي .

فاين الشباب ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى