بكل جرأة / يكتبها محمد عبد المؤمن : الديمقراطية والحريات شيء وان تحافظ الدولة على هيبتها شيء آخر
بصورة مفاجئة وغير معلنة ينفذ اضراب عام في قطاع النقل بالعاصمة يشمل الحافلات والمترو كل هذا واتحاد الشغل لا علم له بالأمر ما يضطره للإعلان كون الاضراب الذي حصل في قطاع النقل غير قانوني ولم يعلم به .وزارة النقل هي الاخرى تعلن كونها تفاجأت بالإضراب ثم يخرج المسؤولون ليؤكدوا كون اموال المنحة التي حصل جراءها الاضراب رصدت وسيتم صرفها لكن رغم هذا فان الاضراب يتواصل.
من الممكن والسهل ان نقول كون الاضراب حق دستوري وان المسؤولية تقع على الوزارة التي لم تصرف منح السواق والموظفين في شركة نقل تونس وان من حقهم ان يدافعوا عن “صواردهم”.
لكن للحقيقة قلنا هذا الكلام مرات ومرات بل منذ 2011 ونحن نقوله .
لكن هناك شيء آخر لا بد من قوله اليوم وهو ان الدولة استهين بها وضعفت حتى صار الجميع يتحداها ويفعل ما يريد .
لنفهم الوضع مليا: انتاج الفسفاط يمكن ان يتوقف اذا قرر بضعة اشخاص الاضراب لأي سبب كان.
نقل الفسفاط يمكن ان يتوقف أيضا ان قرر عدد قليل من الاشخاص غلق السكة او الطريق.
مهرب يقبض عليه ومعه دليل ادانته فيتجمهر اشخاص امام مركز الامن او الحرس ويدفعون نحو اطلاق سراحه .
العاصمة بما تحمله من قيمة تتوقف فيها جميع وسائل النقل العمومي لان منحة لم تصرف في حين انهم يدركون كونها ستصرف لهم .
اكثر من هذا: محكوم عليهم من القضاء يخرجون اما في اطار صفقات او عفو رئاسي او تدخلات ويعودون للمشهد وكان شيئا لم يكن.
قضايا كبرى وملفات خطيرة تقبر لان نافذين تدخلوا وفرضوا ذلك.
مجلس نواب يتحول الى ساحة صراخ وعويل وتسابب .
كل هذا الى ماذا يؤدي؟
يؤدي الى ضرب هيبة الدولة وعندما تضعف الدولة تنتشر الفوضى والتسيب وتجاوز القانون .
الديمقراطية وصون الحريات شيء وهيبة الدولة شيء آخر وهما لا يتعارضان فأعتى الديمقراطيات في العالم تفرض فيها الدولة كلمتها بالقوة المشروعة ومن يتجاوز القانون ويهدد المصلحة العامة يعاقب مهما كانت مكانته ومنصبه.
تونس اليوم في حاجة الى دولة عادلة قوية لا دولة متساهلة ضعيفة غير قادرة حتى على منع انتصاب فوضوي يغلق الطرقات ويعطل حركة المرور ويجعل من الاطفال يسيرون في الطريق مع السيارات لان بضعة باعة يفرضون ذلك او اصحاب مقاهي ومطاعم احتلوا الطريق .
تونس في حاجة اليوم لأن تتدخل الدولة لوقف نزيف الفوضى والتسيب والتصابي.