توقعات الفيلسوف نعوم تشومسكي لعالم ما بعد كورونا

يقول تشومسكي أنّ منذ انتخاب ترمب، يمكن رؤية ثلاثة أشياء: تهديد الحرب النووية، وتهديد الاحتباس الحراري، وتدهور الديمقراطية. ومع أن الديمقراطية هي السبيل الوحيد للتغلب على الأزمة إذا سعى الجمهور إلى السيطرة على مصيره، وإذا لم يحدث ذلك، وتركنا مصيرنا لهذا «المعتل الاجتماعي» سننتهي.

هذا الخطر يقترب، وترمب هو الأسوأ بسبب قوة الولايات المتحدة الساحقة التي يترأسها. أتذكر خطابات هتلر في الراديو، لم أستطع فهم الكلمات حينها، لكن كان من السهولة أن أفهم المزاج العام وأشعر بالتهديد الذي تحمله صدى الكلمات. وهنا يجب أن أقول إنني أشعر بالشيء ذاته عندما أستمع إلى خطابات ترمب اليوم، التي يتردد صداها في نفسي. ليس الأمر أنني أشعر بأنه فاشي، فهو ليس كذلك، فالفاشية لديها الكثير من الإيديولوجيا، لكني أرى فيه مجرد «معتل اجتماعي» مهرج لا يهتم سوى بنفسه،

لكن المزاج والمخاوف التي تثيرها كلماته متشابهة مع أيام طفولتي. وفكرة أن مصير البلاد والعالم في أيدي مهرج ومعتل اجتماعي مثل دونالد ترمب هو شيء مروع . كابوس رهيب أزمة كورونا، باعتقاد تشومسكي، هي مجرد جزء واحد من كابوس رهيب مقبل، وإن لم يشرع الناس على الفور في تنظيم أنفسهم ويتضامنوا في ما بينهم لتحقيق عالم أفضل بكثير من العالم الذي يعيشون فيه، فهم سيواجهون مصاعب هائلة لطالما أعاقت طريق الحق والعدالة،

كما الاستعداد للتعامل مع الخطرين الوجوديين للحرب النووية والتغيرات المناخية والكوارث التي سيتسبب بها الاحتباس الحراري، والتي «لن نتعافى منها ما لم نكن حازمين في مواجهتها حين نصل إلى تلك المرحلة، وهي باتت وشيكة الحدوث». يشدد تشومسكي على لحظة تاريخية حاسمة للإنسان. ليس فقط بسبب فيروس كورونا بل لأن الفيروس يحضرنا للوعي بالعيوب العميقة التي تواجهها البشرية. «فالعالم معيب وليس قوياً بما فيه الكفاية للتخلص من الخصائص العميقة المختلة في النظام الاقتصادي والاجتماعي العالمي كله، واستبداله بنظام عالمي إنساني كي يكون هناك مستقبل للبشرية قابل للبقاء». ويعتقد تشومسكي أن فيروس كورونا «علامة تحذير ودرس للبشرية، وعلينا أن نبحث في الجذور التي تؤدي إلى الأزمات، التي ربما تكون أسوأ مما نواجهه اليوم، والتحضير لكيفية «التعامل معها ومنعها من الانفجار»! ويسأل تشومسكي: «في الوقت الذي تزداد فيه المسافة الاجتماعية في إجراءات العزل المنزلي والحجر الصحي والتباعد الاجتماعي بين ملايين البشر في البلد الواحد، أو بين مليارات الأشخاص عبر العالم، كيف يمكن الحديث عن خلق حركة اجتماعية نشطة لتواجه ما نعيشه اليوم أو ما هو مقبل وقريب جداً من تهديدات وجودية؟ قد يبدو هذا الحديث غير واقعي،

وقد يتصور البعض أن عصر الإنترنت كفيل بتسهيل الأمور، بل قد يرى أن العزلة الاجتماعية بدأت قبل كورونا بكثير وقد تسبب بها الاستخدام المفرط للهواتف الذكية المرتبطة بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وكل تكنولوجيا المعلومات لا سيما بين أوساط الشباب، لكنها قد تكون هي المخرج والوسيلة إذا أحسن استخدامها لتنظيم الصفوف والتضامن الاجتماعي لخلق حركة اجتماعية واسعة النطاق، إن تمكن الناس من استخدام هذه التقنيات استخداماً جيداً في زمن العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي، للانضمام والاستقطاب والتعاون والتنسيق والتشاور المتعمد، على الرغم من العوائق التي سيتسبب بها توقف الإنترنت لفترة من الوقت.

لكن تشومسكي يؤمن أن الناس سيجدون طريقهم وسيعثرون على وسائل أخرى للاستمرار وتوسيع الأنشطة وتعميقها وترميم انكساراتها ولملمة جروحها، ليبنوا عالماً جديداً قابلاً للعيش فيه. يكفي أن نمتلك الإرادة والعزم والتصميم! يكفي ألا نفقد الأمل».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!