ملف فساد من الحجم الثقيل: قروض وهبات الاتحاد الأوروبي للتأهيل الشامل للمؤسسات نهبت وأنفقت في ” الشاتوات” والسيارات الفاخرة والأرصدة بالخارج
تونس – الجرأة نيوز: محمد عبد المؤمن
من بين اهم الملفات التي حسب المتورطون فيها بكونها عمليات نهب للمال العام وموارد الدولة افلتت من العقاب بسبب التقادم نجد ملف التأهيل الشامل للمؤسسات الخاصة .
هذا البرنامج موله الاتحاد الأوروبي في فترة حكم بن علي بغاية ارساء شبكة مؤسسات اقتصادية قوية تكون قادرة على المنافسة.
ويهدف برنامج التأهيل إلى دعم القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية ومؤسسات الخدمات المتصلة بالصناعة.
لكن لنفهم ما حصل قبل 2011 لا بد من فهم الاطار العام حول الاتفاق مع الجانب الاوروبي.
هي اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي أي التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي وهذا الى حد ما طبيعي فأي دولة لا بد لها من امضاء وابرام اتفاقيات مع أطراف خارجية يستفيد منها الطرفان لكن المشكل ليس هنا؟
المعضلة باختصار وبأكبر حد وقدر من الوضوح هو أن هناك شراكة تقوم على تقليص ثم الغاء الحواجز القمرقية والجبائية بين اقتصاد صغير ضعيف في مقابله اقتصاد عملاق او عملاق اقتصادي وهو الاتحاد الأوروبي ما يعني أنه لا يوجد تكافؤ بل ليست هناك أي فرصة لتعامل تجاري متوازن.
بداية العمل على الاتفاقية يعود الى اتفاقية انطلقت في سنة 1995 وأعطيت الدولة التونسية فرصة ومهلة الى حدود 2008 للإصلاح ومنها فعل ما عرف بمشروع التأهيل الشامل الذي موله الاتحاد الأوروبي لكن للأسف هذا البرنامج لم يحقق أي نتائج تذكر والسبب أن شبهات كثيرة حامت حوله فقد ضخت الأموال لتأهيل مؤسسات لتستطيع المنافسة مع نظيرتها الغربية لكن هذا الاصلاح والتأهيل والتطوير لم يكن الا على الورق وهو ملف لم يفتح الى الآن أي لا بد من التدقيق حول ما فعل بالأموال التي ضخت للمؤسسات للقيام ببرنامج التأهيل بما في ذلك تجديد المكننة
هذا البرنامج أطلق بوعي من الاتحاد الأوروبي كونه لا بد من ان تطور المؤسسات والقطاعات التصنيعية وغيرها من نفسها لتتمكن من منافسة المؤسسات الغربية لان اتفاقية “الأليكا” تقوم أساسا على فتح الأسواق ورفع كل الحواجز لنعود الى السؤال الجوهري وهو : هل بإمكان المؤسسات والقطاعات التونسية منافسة نظيراتها الأوروبية حتى تفعل هذه الاتفاقية وترفع الحواجز الديوانية ولو نسبيا وجزئيا وتلغى الاجراءات الجبائية؟
هذا هو الاشكال الحقيقي أي أن اتفاقية التبادل الحر والشامل والمعمق قد تعصف بالمؤسسات الوطنية والقطاعات التصديرية لأنها غير قادرة على منافسة الأخرى الغربية ومجاراتها لا في الأسعار ولا في النوعية والكفاءة بمعنى أن مؤسساتنا ليست قادرة بعد ولا مستعدة للدخول في هذه الاتفاقية والنتيجة ستكون تزايد أزمات المؤسسات الصناعية وكل مل التي تشملها الاتفاقية وأيضا اغراق السوق الداخلية بالمنتجات الأجنبة مع عدم قدرة على المنافسة لا سعرا ولا جودة .
“يهدف برنامج التأهيل إلى دعم القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية ومؤسسات الخدمات المتصلة بالصناعة. وذلك ب:
تجديد المعدات و تحديث وسائل الانتاج
ارساء نظم الجودة حسب المراجع العالمية
تكثيف الاعتماد على تكنولوجيات المعلومات و الاتصال
النهوض بالتجديد التكنولوجي
تطوير نظم التصرف في المؤسسة
الرفع من قدرات الموارد البشرية”
ماذا فعل بالأموال؟
لنفهم ما حصل سنأخذ مثالا توضيحيا فمثلا تمنح مؤسسة تصنيعية مبلغا مهما على س انه هبة لتطوير وسائل الإنتاج وخاصة المكننة فماذا فعل الكثير من المستفيدين؟
ما حصل هو ان التطوير حصل على الورق ولم يتم ادخال أي آلات جديدة وفي احسن الاحوال تطوير جزئي وبسيط جدا ” وجه السوق” يعني .
اما بقية الأموال التي منحت فتحولت الى انفاقات اخرى مثل بناء المنازل الفاخرة والسيارات وشراء السيارات الفارهة وفتح الحسابات في الخارج .
هذا الامر لا يمكن ان يتم دون تغطية من مسؤولين في تلك الحقبة لان شرط التحاد الأوروبي حينها ان تتولى الدولة التونسية مراقبة التطوير والتأهيل الشامل للمؤسسات الخاصة ليكون منتهيا في فترة محددة للانتقال الى مرحلة جديدة لكن كل هذا لكم يحصل .
معلومة
علمنا مؤخرا من مصدر موثوق ان هذا الملف قدم منذ فترة يوسف الشاهد كملف فساد لكن لم يتم التعامل معه بجدية بل همش بمعنى آخر اعتبر منتهيا بالتقادم .
والسؤال هنا: متى سيتم فتح الدفاتر لمعرفة اين ذهبت اموال برنامج التأهيل الشامل ومن استفاد منها بغير وجه حق؟
ثم : لماذا لم تبادر محكمة المحاسبات بالتدقيق فورا في كل الصناديق المتعلقة بالنهوض بالقدرة التنافسية في قطاعات الصناعة والفلاحة والسياحة بغاية ايقاف النزيف وكشف عصابات النهب ؟