كتب محمد الرصافي المقداد / معركة إدلب ولعبة تركيا “القذرة”
بقلم: محمد الرصافي المقداد
لم يكتفي اردوغان بما فعله من سوء بحق جارته الجنوبية سوريا، وتحويل بلاده بمطاراتها ومعسكراتها، الى قاعدة خلفية للجماعات الارهابية، باستقبالهم وتدريبهم وتجهيزهم، ومن ثم ادخالهم الى سوريا عبر حدوده، ليعيثوا فيها دمارا وخرابا وفسادا، بل نراه الآن يواصل اساءاته، فينزل بجنوده الى عمق ريف ادلب، لينفذ نفس الأعمال الاجرامية التي كان يرتكبها الارهابيون.
لقد أدركت أمريكا ان مؤامرتها على سوريا نظاما وشعبا قد اشرفت على النهاية، ولم يبقى أمل في تغليب الارهاب التكفيري، على ارادة بلد عرف طريق الخلاص منه بالمقاومة الشرسة، ولم يبقى من وجوده على ارض الشام، سوى فلول مجتمعة في ادلب وريفها، وبالقضاء عليهم ستطوى صفحة سوداء، من صفحات أدوات الاستكبار العالمي القذرة.
ومع ضعف الآمال الأمريكية، وتدني حظوظ العاكفين معها على اسقاط النظام السوري، بارهاب جاهلي لم يشهد له العصر الحديث مثيلا، وتشبث حاكم تركيا الاخواني اردوغان، بحلم الثورة في سوريا، ورغبته الجامحة في مواصلة دعمه للجماعات الارهابية في ادلب، فسحت له الادارة الامريكية المجال واوعزت له ان يقوم بالدور جهرة – بعدما كان يقوم به سرا- فانخرط في ما تنصلت منه، تفاديا لفضح التحالف الدولي الذي قادته ضد الارهاب، فأوكلت مهمة دعمه ومساعدته الى أردوغان وجيشه الذي غرق في مستنقعه، منذ دخلت آلياته وجنوده الى الشمال السوري.
أيام الجماعات الارهابية على الاراضي السورية اصبحت معدودة، وفلول داعش لم يعد لها مكان من دون حماية امريكية، يراد منها الحفاظ على عناصر بقائها لزعزعة الامن والاستقرار كهدف أخير، بعدما فشل مخطط اسقاط النظام السوري، وقيام نظام ارهابي متخلف محله.
محاولة أردوغان الإبقاء على إدلب وريفها، بؤرة إرهابية خطيرة، خارجة عن نطاق الدولة السورية، تهدد أمن شعبها، قابلة للإشتعال في أي لحظة، يتفق عليها المتآمرون على سوريا بقيادة أمريكا، وتركيا عنصر فاعل ومؤثر بينهم، ويأتي تغلغل القوات التركية، وتثبيت نقاط لها في عمق الأراضي السورية، ابقاء لحالة الارهاب حيّة في آخر مواقعها.
ظهرت إرادة الدولة السورية وحلفاءها، في تطهير ما بقي من الشمال السوري، من رجس الارهاب التكفيري، بشن عمليات عسكرية لاستعادة محافظة ادلب وريفها، والختم على المؤامرة بالبوط العسكري، لكن أردوغان ومن أجل استدامة الأزمة، وتحين فرصة اعادة انتشار الارهاب بعد انحساره، اعطى الأوامر لجيشه باحتضان الجماعات الارهابية المتعددة الأعراق ومساعدتها بالاعتدة والدعم اللوجستي والعسكري، والوصول الى حد الاسناد بالقصف الجوي والمدفعي، لمواقع القوات السورية والقوات الرديفة، دعما لهجمات الارهابيين على تلك المواقع، من أجل استعادتها من أيدي ابطال الجيش السوري.
فبعد اشتباكات عنيفة خاضها الجيش السوري في مواجهة الجماعات الارهابية المدعومة تركيا وغربيا وصهيونيا سيطر الجيش السوري، بدعم جوي من المقاتلات الروسية، على مدينة معرة النعمان التي تلي مركز المحافظة من حيث عدد سكانها – متقدمة على جسر الشغور وأريحا- كبرى مدن المحافظة، بعد المركز إدلب شمال غرب البلاد، وعودة معرة النعمان الاستراتيجية إلى حضن الوطن، يزيد من عزم أفراد القوات المسلحة من ابناء الشعب السوري والقوات المتعاونة معه، في القضاء على الارهاب، وكنسه من اخر معاقله بالمحافظة وريفها.
معرة النعمان هي كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، وأحد أهم معاقل جبهة تحرير الشام الارهابية في سوريا (جبهة النصرة سابقاً). تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من السيطرة عليها بالكامل بعد استعادة 7 بلدات رئيسة في محيطها، تتميز معرة النعمان ببعدها الاستراتيجي، إذ تقع على الطريق الدولي الرابع بين محافظة حلب والعاصمة دمشق والأسوأ بالنسبة لتركيا هو أن سيطرة قوات النظام السوري على معرة النعمان يمنحها آليا السيطرة على امتداد الطريق السريع أم 5 M(حلب-حماة)، ما يعني قطع طريق الإمداد الرئيس إلى نقطة مراقبة تركية بالقرب من قرية معر حطاط في محافظة إدلب.
تركيا التي اطلقت على عدوانها درع الربيع، كناية على الربيع العربي، عبرت مجددا عن مدى عدائها، واصرارها على مواصلة دورها الخبيث، في مساندة الارهاب ودعمه، وظهور جنودها الى جانب الارهابيين، يشاركونهم في مواجهة الجيش السوري وقواته الرديفة، فلم يمنع القوات الجوية السورية، من تسديد ضربات صاروخية لخطوطهم الأولى، وتكبيدها خسائر فادحة في الارواح والمعدات.
أردوغان الذي تغنى بفصائل الارهاب التي ساندها ودعمها على أنّها ثورة سورية، وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، دفعه الى الاستغاثة بالناتو، والمطالبة بمجال حضر جوي على ريف ادلب، ودعوته القوات الروسية بالتنحي لاستكمال عدوانه، لكن هيهات أن تستجيب له روسيا ولا ايران ولا حزب الله، حيث لا حل وسط مع الارهاب وداعميه، ولا بد من كسر عظمه واستئصال بقاياه من سوريا ليعود الامن والاستقرار للشعب السوري ودولته الشرعية.
لقد كشف نظام اردوغان قبح سياساته، بعد أن كان سببا رئيسيا في ما حصل لسوريا، ولم يعد له ما يخفيه من سوء تجاه جارته التي لم يصدر منها شيء يسيء لتركيا بل لقد كانت علاقاتها به جيدة ومثالية، والانقلاب الذي طرأ من جهة الاتراك، كان بإيعاز من أمريكا التي عملت على تغيير النظام السوري الممانع للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بنظام آخر مستعدا للتطبيع، مهما كانت طبيعته الايديولوجية، ومن هنا نفهم كل هذا الاحتقان في ردود الافعال التركية.
وكان من باب أولى للرئيس التركي عوض توهّمه مناصرة الشعب السوري، ودفع قطاعات جيشه للدفاع عنه، ان يبادر الى نصرة الشعب الفلسطيني، فهو أولى وأحق بالمناصرة عسكريا، وهو الذي لا يزال يعاني من انتهاكات الكيان الصهيوني الغاصب، وبين ادعاءاته التي اساس لها من الصحة، وبين الواقع الذي كشف عدوانا تركيا جديدا على الاراضي السورية، تزداد السياسة التركية في عهد رجب طيب اردوغان بشاعة ولؤما.
في تطاوين: الديوانة تحبط تهريب 100 بندقية في عملية كبرى