كتب محمد الرصافي المقداد / جدير بإيران أن تخرج اليوم من الإتفاق النووي
بقلم: محمد الرصافي المقداد
في عالم ركب فيه المستكبرون على المستضعفين، فاحتووهم حكومات وشعوبا ومقدّرات، لم يتركوا لهم شيئا من جمال الحياة وكرامتها، تبدو إيران في وضع مختلف، فهي تعارض قوى الاستكبار وتعاديهم، وتساند جبهة الاستضعاف وتعمل على مساعدتها، وهي فوق ذلك، مطالبة بأن تراجع كل خطوة سياسية تقوم بها حكومتها، باتجاه التعبير عن حسن نيّتها، التي غالبا ما تتناقض مع سوء نيّة أمريكا في المجتمع الدّولي، حيالها على وجه التحديد.
فيما تستعد إيران – بعد جريمة اغتيال العالم الشهيد محسن فخري زادة – للقيام بإجراءات من جانب واحد، بخصوص الملف النووي الإيراني 5+1، مدفوعة بضغط من مجلس الشورى الاسلامي، الذي سينظر مستعجلا في المقترحات التالية:
1 – البدء بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20%
2 – إخراج جميع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية
3 – إنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
4 – الانسحاب من الاتفاق النووي (1)
لا تبدو الاستعدادات الأخرى خافية، من جانب إيران على مستوى الدّاخلي، في تتبّع كل من تورط باغتيال الشهيد فخري زادة، والأجهزة الأمنية والاستخبارية لوزارة الداخلية، ذات الخبرة الكبيرة والواسعة، في كشف عملاء أمريكا والصهاينة في داخل البلاد، تعطي إمكانية القيام بذلك دون عناء، خلال فترة وجيزة من الزّمن.
ولا يُسْتَبعد تورّط الكيان الصهيوني في عملية الاغتيال تدريبا وتخطيطا وتمويلا، وهو الضالع في سلسلة اغتيالات لقيادات فلسطينية ولبنانية وإيرانية، فإذا ثبت ذلك، فإنّ ردّا منتظرا سيكون عنيفا عليه، سيستهدف منشآته العسكرية تحديدا، وهو ما سيفتح باب حرب قادمة على مصراعيها، ستواجه فيه إيران أيضا أمريكا، التي ستكون بالطبع مع لقيطها الكيان الصهيوني، كما لا يستبعد أن تشترك الإمارات والسعودية في هذه الحرب، باعتبارهما قد ربطتا مصيرهما بأمريكا والكيان الصهيوني، وكشفتا خلال هذه السنوات، عن عمالة وخيانة لقضايا الأمّة من الوزن الثقيل ، ولا يزال تطبيعهما معه، وحثهما عليه قائما على قدم وساق.
وكأنّما الحرب القادمة في تلك المنطقة، قد بدأ أعداء إيران التسخين لها، بسلسلة أعمالهم الإجرامية، حيث لا مفرّ من وقوعها تحت أي مبرّر، ومن يستعجلها هذه الأيّام على وجه الخصوص، هو الكيان الصهيوني، الذي يحاول جاهدا أن يكسب بعض النقاط لفائدته، وكل ما أمكنه فعله الى حدّ اليوم، هي أعمال غدر وإجرام، دلّت على طبيعته الخسيسة ودناءة معدنه، ولا عجب فيمن كشفهم الله في محكم كتابه، فنعتهم بأنهم قتلة الانبياء،(فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بالله وقتلهم الانبياء بغير حقّ وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم )(2) والمفسدون في الأرض، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * الا إنّهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) (3) وأعداء المؤمنين الموحّدين ( لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا) (4)
قدر إيران الاسلامية كما شاءه الله سبحانه وتعالى لها، وهو تبنّي الإسلام المحمدي الأصيل، ونهج طريقه باثبات حقّانيته في قيادة العالم وتخليص المجتمعات البشرية فيه من أعداء الانسانية، وإنهاء اضطهادها من طرف قوى الشيطنة والشر، ويبدو الشعب الفلسطيني أوّل الشعوب، التي ستدركه القوّة الإسلامية الإيرانية الصاعدة، وتخلّصه من أسوأ احتلال عرفته الشعوب المستضعفة، وتُنجح مشروع الامام الخميني رضوان الله عليه، في تحرير القدس وفلسطين، من براثن جذاذ الآفاق، اتباع السّامري وعبدة العجل.
إيران لها مشروع مقاومة صلب، واقعي في إطاره العام، واضح في هدفه، مضت في تأسيسه منذ انتصار ثورتها، وهي تسعى بكل جهد وجد من أجل إنجاحه، ولا يهمّها ما سيكلفها ذلك من تضحيات، وهذا ما يعرفه العدوّ قبل الصديق، فأربعين سنة من العقوبات والمؤامرات وما تخللها من تضحيات جسام، لم تستطع بثقلها المسلّط على نظامها، الصّامد بمخزونه العقائدي والشعبي، الذين لا تملكهما دولة أخرى في العالم، أن تغير من مشروعها التحرّري شيئا، وما يسمى بدولة (إسرائيل)، ليس لها أمل في البقاء مهما صعدت من جرائمها، وسط شعب اغتصبت أرضه، يتحيّن فرصة تتاح له، من أجل الثأر لضحاياه، واستعادة حقوقه المشروعة، محاط بكيانها الغير شرعي، شعوب رافضة تماما لوجودها، وتراها بعين الدين والإيمان، كيانا غريبا وعدوّا خطيرا، يجب التخلّص منه، فهي بالوصف اللائق بها، غدة سرطانية، يجب استئصالها من الجسد الإسلامي قبل استفحالها، كما وصفها الإمام الخميني الراحل رضوان الله عليه، وأكّد على ذلك الامام الخامنئي، كلما أتى على ذكرها في خطبه (5).
قد تسبق الخطوة الأمنية المتخذة الآن داخل إيران، بكشف المجرمين، ومن وقف وراءهم، ولو بغض الطرف، وقد يكون مجلس الشوري سابقا في الاعلان، الذي تأكد انه لا مفرّ من الاعلان عنه، وهو طيّ صفحة الإتفاق النووي، وخروج إيران منه غير اسفة، إذ لم يعد له ادنى فائدة لها، بسبب العراقيل التي وضعتها أمريكا استجابة لرغبة الكيان الصهيوني، وتظاهر الاتحاد الأوروبي بالعجز، عن إيجاد حلّ لتفعيل آلية التعامل المالي، تجاريا واقتصاديا، وأموالا متخلّدة في بنوكه بينه وبين ايران.
لقد حان الوقت لوقف كل أشكال التعامل، مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تستغلها أمريكا والاوروبيون في التجسس أساسا لفائدتهما، ولا أستبعد تورط بعض مفتشيها، في جمع معلومات عن المشروع النووي الايراني، مواقع وتجهيزات وعلماء، ورصد نشاطه بالدّقّة التي تخولها لهم إمكانياتهم، وإيران الإسلامية لم تر خيرا، منذ أن فتحت بحسن نيتها الباب لهذه الوكالة المشبوهة، وما خسرته في عهد الرئيس محمد خاتمي، خسرت اليوم في عهد الرئيس حسن روحاني ضِعفه تقريبا، لذلك أقول أنه آن الأوان للمراجعة وتقييم المواقف، وفرض المنطق الإسلامي.
ما يحزننا حقا ضياع وقت لا يستهان به لايران، كان بامكانها استغلاله، في تطوير مشروعها النووي السلمي، ولا بأس أن تأخذ بعين الإعتبار، أن الأعداء يملكون قنابل نووية بالمئات، قد يلجأون الى استعمالها ضدها، نسال الله تعالى ان يرد الكائدين الى لايران الى نحورهم.
المراجع
2 – سورة النساء الآية 155
3 – سورة المائدة الآية 82
4 – سورة البقرة الآيتين 11و12
5 – إسرائيل ..غدّة سرطانية يجب استئصالهاmehrnews.com/news/1881636