كتب محمد الرصافي المقداد / الى أين يريد الغرب في تماديه بالإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم؟

بقلم: محمد الرصافي المقداد

    (ويستمر الغرب في استضعافنا فيغضّ الطّرف عن مسلسل الإساءة لنبيّنا (ص) بالصّور الكاريكاتورية المسيئة له، فمن الدانمارك الى فرنسا الى دول أخرى، بدعوى أنها حرية التعبير.)

ما إن انتهت الحرب العدوانية الغبية الظالمة ( 22/9 /1980 / 20/8/1988)، التي شنها الرئيس العراقي صدام، على النظام الاسلامي الفتي في ايران – بإيعاز غربي وتمويل خليجي – وباءت بفشل ذريع، لم يكن في حسبان أعداء الإمام الخميني رحمه الله ونظامه الإسلامي، حتى بدأت في الغرب بوادر حرب عدوانية أخرى، لا تقل خطرا عن الحرب العسكرية، بل هي أتعس وأشدّ لؤما من سابقتها، فمجال الإعلام والثقافة في مواجهة إيران، بإمكانه أن يحقق أهدافهم، في زعزعة تفكيك نظامها الإسلامي من الدّاخل، بنشر ثقافة مضادّة للأفكار الثورية، غلافها الظاهري حقوق الإنسان وحرية الرأي، على حساب الدين الاسلامي، وعقائده ورموزه، وفي مقدمة ذلك النبي الأكرم(ص)، فلم يمضي شهر ونيّف، حتى صدرت بلندن رواية استفزازية جارحة للمؤمنين في العالم، ألّفها المرتدّ سلمان رشدي، في26/9/1988 بعنوان (آيات شيطانية The Satanic Verses) ملأها إساءات للنبي (ص)، وتشويها لشخصه المقدّس، سارع المسلمون شعوبا وحكومات، الى ادانته والتنديد به، وتغاضب الحكومة البريطانية عن ذلك، لكن الموقف الأكثر قوة جاء من طرف الامام الخميني، الذي أصدر فيه فتواه الشهيرة بهدر دم ذلك الرجل، لمن يقدر على ذلك، بل لقد رصدت جهات في الحكومة الايرانية مليوني دولار لمن ينفّذ فيه حكم الله، ما أثار ردود أفعال متباينة في العالم الاسلامي، بين مؤيّد  للفتوى ومستنكر لها، المؤيدون طبعا هم الاسلاميون الملتزمون بدينهم، والمستنكرون هم أيتام الغرب واليسار المتطرّف والمتأثرون بثقافته المعادية للإسلام.

الحقوقي التونسي المنصف المرزوقي أحد هؤلاء، أدلى بدلوه من بين طبقة نزعت عنها كل مقدّس، فلا قيمة معتبرة عندهم سوى الانسان – نظريا – الذي يجب أن يتحرر من كل شيء، ودونه يبقى بلا قيمة حتى لو كان دينا ومقدّسات، فاعتبر فتوى الإمام الخميني تعديا على حقوق المرتدّ، فنشر مقالا في جريدة لوموند  Le Mondeالفرنسية، في 25 فبراير 1989، بعنوان «قضية رشدي باسم الله؟» دافع فيه عن «حق سلمان رشدي في كتابة ما كتبه» معتبراً ذلك أمراً عادياً «يندرج في حرية التعبير»، واستنكر ردة فعل العالم الإسلامي، معتبراً أن «كراهية سلمان رشدي لا تمثل الإسلام»(1)

واستمرت حملات تشويه الإسلام ورموزه ومقدّساته بعد ذلك، فأدلت بدلوها صحيفة (يلاندس بوستن الدنماركية Jyllands-Posten) في 30 سبتمبر 2005، وقامت بنشر 12 صورة كاريكاتورية مسيئة للنبي، ثم شارلي إيبدو في عام 2006، وفي نفس السنة قامت الصحيفة النرويجية ( Magazinet) والصحيفة الألمانية ) دي فيلت Die Welt ) والصحيفة الفرنسية( France Soir)  وصحف أخرى في أوروبا بإعادة نشر تلك الصور الكاريكاتيرية.

ويبدو إن إصرار الصحيفة الفرنسية شارلي هبدو  Charlie Hebdo على إعادة نشر تلك الصًور، في 3/11/2011  قد ادّى الى هجوم مسلح على مقر الصحيفة في 7/1/2015 وأسفر عن مقتل 12 شخصا، بما فيهم ادارة تحرير المجلة، وقتل ابرياء في ذلك الحادث الانتقامي، وفي بدإ محاكم المتورطين في الهجوم، عادت ادارة تحرير الصحيفة لنشر الصور، محامي الصحيفة قال: إن عدد المجلة الجديد، سيتضمّن رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد، وعدد من الشخصيات الأخرى، ليظهر أن المجلة لن تتراجع عن مواقفها.

وعلى نفس نهج سلفه الامام الخميني، أصدر الامام الخامنئي بيانه، بخصوص هذه الجناية الغربية المتواصلة، وسيأخذ بعده العملي في المستقبل، إذا ما استمر حمق الإعلام الغربي الخارج عن كل القيم، حتى الحرية نفسها التي يدّعونها، فإن لها حدودا لا يجب أن تتجاوزها، لتتحول الى فوضى واستهتار، وفي ما يلي بيانه:

بسمه تعالى

إن الخطيئة الكبرى، والتي لا تغتفر، لإحدى المجلّات الفرنسية في إهانة الوجه المشرق والمقدس للرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، تكشف مرة أخرى عن عناد وحقد محفوفين بالشّر تضمرانه الأجهزة السياسيّة والثقافيّة في العالم الغربيّ تجاه الإسلام والمجتمعات الإسلاميّة. إنّ ذريعة حريّة الرّأي التي صرّح بها المسؤولون الفرنسيّون من أجل عدم إدانة هذه الجريمة الكبرى مرفوضةٌ بالكامل وخاطئة ومخادعة للرأي العام. إن السياسات المعادية للإسلام من قبل الصهاينة والحكومات المتغطرسة تقف خلف مثل هذه التحركات العدائية، والتي تتكرّر بين الفينة والأخرى. قد يكون هدف هذه الخطوة في هذه الفترة حرف أذهان الشعوب والحكومات في غرب آسيا عن المخططات القذرة التي ترسمها أمريكا والكيان الصهيوني لهذه المنطقة. يجب على الشعوب المسلمة وخاصّة في بلدان غرب آسيا، ألا تنسى أبدًا عداء السياسيين والقادة الغربيين للإسلام والمسلمين، مع الحفاظ على اليقظة في قضايا هذه المنطقة الحساسة.

والله غالبٌ على أمره. (2)

عالم السياسة الغربي بلغ من الإستهتار بقيم وعقائد المسلمين، مبلغا لا يمكن السكوت عليه، وعلى الشعوب الاسلامية أن تتحرك لتبرهن للعالم أن جميع مقدساتهم خط أحمر محرّم اختراقه، وعلى قادة ورؤساء البلدان الاسلامية، أن تجتمع جهودها من أجل إيقاف هذا التعدّي المفضوح، على مقدسات الأمة وكرامتها، ورمز هدايتها النبي الأكرم (ًص)، وعلى الصحف الناشرة للإساءات، أن تتحمل نتائج ما جنته سياساتها الخاطئة

المصادر

1-     Affaire Rushdie Au nom d’Allah ?

2 – بيان الإمام الخامنئي في 8/9/2020 بخصوص نشر الصور المسيئة للنبي (ص)

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى