دردشة يكتبها لكم الاستاذ الطاهر بوسمة / رحيل الأستاذ الجامعي محمد رشاد بوسمة.. إنا لله وإنا اليه راجعون
فجعت تونس مساء يوم الاثنين 20 جويلية 2020 بوفاة الاستاذ الجامعي محمد رشاد بوسمة أحد اطاراتها العليا في الهندسة والعلوم الصحيحة والمدير العام سابقا لتجديد مناهج التعليم الجامعي لسنين، والخبير الدولي حاليا بكونكري عاصمة غينيا التي كان رئيسا لجامعة من جامعتها كخبير فيها.
لقد نزل الخبر المحزن على عائلته وعلى الجامعة التونسية وعلى كل اساتذتها واطاراتها الذين عرفوه وعملوا معه في ميدان الهندسة والتدريس بمدرسة المهندسين التونسيين أو مديرا عاما لإدارة التعليم العالي لسنوات، مكلفا بتطويره وانسجامه مع المنظومة العالية، إذ كان هو الذي ادخل المنظومة المعروفة اختصارا، بأمد ( L M D) فيها.
لم يكن بالشخص العادي. وبرز في ميدانه العلمي حتى بات الوحيد الذي يتقن علم سبر الفضاء بإدارة القيس ورسم الخرائط بتونس.
لقد انخرط بالتدريس بالمدرسة الوطنية للمهندسين التونسيين وتخرجت على يديه مجموعات من المهندسين المتميزين ومدرسين في المادّة المذكورة.
تم تكليفه فيما بعد بالإدارة العامة لتطوير برامج التعليم العالي بالجامعات التونسية حتى تنسجم مع المنظومة العالمية ونجح فيها.
لم يكن ذلك بالأمر الهين الذي أقدمت عليه وزارة التعليم العالي وقتها، وتنجح فيه بفضل عمله وجديته وخبرته التي اخذته أخيرا منتدبا وخبيرا وعميدا لجامعة من جامعات غينيا التي اعتمدت عليه لتطوير تعليمها العالي وحضرت منبته فيها.
وايمانا منا بقضاء الله وقدره وما اوجبه علينا جميعا في قوله تعالى في الاية 34 من سورة لقمان (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
لذا فأننا لقضاء الله وقدره نبقى من الراضين والمستسلمين، بالرغم من الخبر الجلل الذي نزل علينا.
كان خبرا صاعقا على عائلته الصغيرة وعلى الجامعة التونسية وعلى تونس كلها بما فيها مدينته الاصلية طبلبة الابية التي تبكيه بحرقة مع كل المذكورين وتتضامن مع عائلته الصغيرة من أرملته المنكوبة فيه وابنيه واشقائه وشقيقاته ووالدته الثكلى وكل من له صلة قرابة بهم بالنسب، ونطلب من الله ان يرزقهم فيه جميعا الصبر والسلوان ويحسبه عنده ضمن الشهداء الابرار والصالحين الذين بشرهم رب العالمين في الحياة الدائمة بأعلى العليين وبجنة الفردوس. وذلك عملا بقوله في الآية 169 من سورة آل عمران (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
انه كان في مهمة سامية وشريفة تتمثل في نشر العلم والمعرفة في بلد مسلم محتاج الينا.
لذا وبالنظر للقرابة التي جمعتنا عائليا، ووحدة جذورنا بمدينة واحدة طبلبة، فلا يسعني الا ان اتقدم لعائلته الصغيرة وكل معارفه واصدقائه والطلبة الذين تخرجوا على يديه والى تونس الرسمية والشعبية، باحر تعازي فيه، راجيا من الله ان يتقبله أحسن قبول ويسكنه فراديس جنانه عملا بالاية 69 من سورة النساء التي جاء فيها (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.) صدق الله العظيم.
تونس في 21 جويلية 2020