دردشة يكتبها الاستاذ الطاهر بوسمة : ب. س. ب B.S.B.

كتب : الاستاذ الطاهر بوسمة

سأكتب لكم اليوم عن المرحوم البشير بالخيرية في ذكرى وفاته التي كانت في مثل هذا اليوم 26 نوفمبر من سنة 1985 وقد كان اختار لأعماله كلها أحرف ثلاثة وهي: ب. س. ب.B.S.B بشير بن سالم بالخيرية واشتهر بها وتوفي وبقيت تلك العلامة إلى اليوم معروفة تجاريا فرحمه الله عليه وعلى جميع المؤمنين.

كان أول من أدخل إلى تونس الإشهار في الصناعة والتجارة ولم يكن وقتها لدى التونسيين معروفا لما استقلت البلاد عن فرنسا،

كانت وقتها تونس تبحث عن طريقها لما أنهى المتحدث عنه دراسته العليا بالولايات المتحدة ألأمريكية وعاد بأفكار جديدة اليها وحاول تطبيقها ونشرها بصعوبة،

أنشأ عدة مؤسسات صغرى في قائم حياته القصيرة، فكبرت وباتت نواة مفيدة وساهمت في فتح الطريق له ولغيره من ابناء عائلة بالخيرية ومن كانت لهم بها نسبًا أو قربا.

عرفته عن قرب بواسطة زميله في الدراسة بالمعهد الصادقي المرحوم الطيب خير الله قريبي وابن خالي لما كانا يزوراني في المناطق التي عملت فيها بعين دراهم والكاف والقيروان وقفصة، وكنا نلتقي تباعا وبانتظام بالعاصمة بعدما انتقلت بالعمل فيها.

كان دائما يحدثنا عن برامجه الخيالية وما يراه يصلح لمستقبل تونس ولم اكن أنا وقتها اهتم بما يقوله كثيرًا ولكن الأيام أكدت أقواله.

كان مؤمنا بالإشهار ولم يكن وقتها معروفًا لدى التونسيين، وجازف ونجح فيه وكان أول من نظم فضاء للمعارض في المدينة الجديدة ببن عروس وزرته معه ولم يسبقه في ذلك أحد من التونسيين.

إنه من قام بإدخال البضاعة اليابانية لتونس مثل وسائل الطباعة ونقل المعلومة قبل غيره، وحاول ادخال السيارة الآسيوية الى تونس بأثمان منخفضة جدا وكانت وقتها ممنوعة علينا من طرف بلاد الغرب وخاصة فرنسا، وجلب له ذلك مشاكل وصعوبات عدة عشتها معه وساعدته على تجاوزها بصفتي محام ووفقنا في ذلك، وكان يثق بي كثيرًا.

اتذكر انه كان سببًا في إنشاء صحيفة أسبوعية سماها الأنوار التونسية وكثيرا ما كان يحكي لنا عنها بحب واعجاب إلى اليوم الذي حادت عن هدفها المرسوم لما أدخلت فيها السياسة التي لم يكن يهواها فتخلى عنها لفائدة شريكه فيها صلاح الدين العامري الذي قبلها عنه وجعل منها إمبراطورية الشروق ومات هو أيضا وما زالت تصدر إلى الان ولكنها تناسيه من القائمين عليها.

ما زلت اتذكر تلك الفترة التي عشتها في زمانه إلى اليوم الذي توفي مبكرًا  عن سن 55 سنة وتأسفت عليه كثيرًا.

لقد كان له الفضل في ادخال لعبة الرقبي لتونس وبات لعبة معترف بها الان، كما انه انشأ مقرا ثقافيا سماه بشرى الخير مازال قائما إلى الان.

يذكرني ذلك بتقصير رجال المال والأعمال الذين باتوا يتسابقون في بناء المساحات التجارية ولم يفكر احد منهم في الثقافة أو تربية الشباب الذي اصبح ضائعا بين المقاهي والوسائط الافتراضية.   

لذلك لم أعد املك له الا أن أذكر بما اعرفه عنه ليعلم القاري انه كان بتونس من الرجال الذين تركوا بصماتهم ظاهرة إلى الان بالرغم من مرور الزمن في المال والأعمال والرياضة والثقافة مثلما تركه ذلك العبقري طلعت حرب أب النهضة المصرية الذي كان له الفضل في ازدهار مصر وقتها ومازال يذكر إلى الان وله تمثال يخلد ذكراه في قلب القاهرة.

انها من ذكرياتي الجميلة التي قدرت انها مفيدة في الوقت الذي نحن نبحث عن أحسن طريق يخرجنا من أزمتنا المالية والاقتصادية.

اكتب عنه هذه الدردشة علني بذلك اسدد ما بقي له من دين في ذمتي رأيت ان أرده لأصحابه بهذه الكلمات القصيرة وذلك ترحما على روحه الزكية.

تونس في 26نوفمبر 2019                  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى