دردشة يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة / للإعلام حصانة مطلقة ولو يكذب

كتب : الأستاذ الطاهر بوسمة

أنا ضد من يتعمد الاعتداء على الأعلام بالفعل المادي أو بغليظ الكلام لأنه بدونه لن تكون لنا ديمقراطية ولا تطور في أي ميدان، ولكن ذلك لن يحول دون الرد عليه بمعسول الكلام وفي حدود الاحترام المتبادل لما يكثر من الإثارة ويدعو إلى التباغض والاحتقان.

اكتب هذه الدردشة تضامنا مع قناة ما…تعرض مبعوثيها للهرسلة ليلة انتصار مرشح الشباب الاستاذ الجامعي في القانون الدستوري قيس سعيد الذي اخترق كل الحواجز وفاز بالرئاسة بقهوة وقنينة ماء. فكانت ظاهرة جديدة في تاريخ العرب والفرس وحتى في بلاد اليونان.

لم يعطه أحد حسابًا لما بشرت به بعض وسائل سبر الآراء قبل الانتخابات الرئاسية بأشهر هو آخذ في تبوأ المراتب الأولى في ترتيب المحتمل نجاحهم في انتخابات الخريف التي جاءت مبكرة إثر وفاة رئيس الجمهورية السابق بغتة، وقبل أن يتم الترتيب لمن يخلفه من الدائرة التي تعودنا عليها في الحكم والدبارة حتى بعدما تم إلغاء النظام السابق الذي كان يتوارثه بقايا سلاطين آل عثمان.

ولكن سوء نية بعض وسائل ألإعلام التي اشتهرت بالتهويل والبهتان، تؤدي بالضرورة إلى الاحتقان ولجوء بعض المغامرين في بعض الأحيان لرد الفعل لما تنسد أمامهم كل طرق الرد والجواب في نفس تلك الوسائل على الافتراءات وتحقير آراء الشعب حتى بات يوصف بالخرفان التي تتبع راعيها بدون تكفير أو تمييز لأنها من صنف الحيوان.

فبعض وسائل الإعلام لا تدرك مدى الضرر الذي تحدثه في المجتمع الهاني ولا تقبل النقد او الانتقاد ورأينا اخيرا البعض منهم كيف قامت قائمته لما كتبه أحد القضاة انتقادًا لهم في حين ان الحرية حق مشاع لا يتجزأ.

هكذا هم يفعلون ما يريدون ولا يقبلون منا الكلام حتى لو كان صحيحًا، فعندها القضاء بيننا.

وأسوق لكم بالمناسبة نماذج مما يقولون ويكتبون للتضليل ويكررونه صباحا مساء، كاتهام حركة النهضة بالفشل عوضا من حكومة النداء التي تحملت الحكم بموجب ما أوجبه الدستور نتيجة لانتخابات 2014 الى 2019 التي فاز فيها النداء بالمرتبة الأولى في مجلس النواب، لقد ترأس المرحلة الأولى الحبيب الصيد والثانية يوسف الشاهد الذي مازال رئيسا لها والى يوم كتابة هذه الدردشة.

لقد برع البعض من رجال ونساء الأعلام المضلل في إبراز الفرع الذي هو النهضة لصالح النداء وهو الأصل ورأيناه كيف يتجنب الحقيقة وما يجرى عادة عندنا حتى قبل الاستقلال.

كنا نقول دائما حكومة محمد شنيق وحكومة الطاهر بن عمار أو حكومة صلاح الدين البكوش أو محمد الصالح مزالي كلما جاء الحديث عن الحكومات، ولا نقول حكومة زيد أو حكومة عمرو الذي كان وزيرًا فيها.

أما إذا أردنا الإنصاف فانه كان على هذا الأعلام ان يقول حكومة الحبيب الصيد أو حكومة يوسف الشاهد ولا يقول مثلا حكومة الوزير عماد الحمامي أو حكومة الوزير زياد العذاري لانهما من النهضة التي اشتركت بوزير واحد وكاتب دولة أو بأكثر لاحقًا، كما لم نسمع بانها حكومة ياسين ابراهيم أو إياد الدهماني أو سمير بالطيب أو غيرهم على سبيل المثال ممن التحقوا بالحكومة بعد حوار قرطاج الأول.

تكرر ذلك مع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي الذي لم يقبلوا به أبدا وكانوا ينعتوه بالطرطور دائما تحقيرًا وازدراء ليضحكوا عليه الناس بالرغم من حصوله في انتخابات الرئاسة وقتها على نسبة 45 في المائة.

انهم لم يشفوا من ذلك الداء وباتوا يذكرون الآن بالمليون الذي صوت لنبيل القروي وينسون أضعاف ذلك ثلاث مرات لقيس سعيد وهي نحو ثلاثة ملايين بالتمام والكمال.

لم اكتب ذلك تأييدا للنهضة أو لغيرها إذ لكل منهم من هم أقدر مني على الدفاع، ولكن ذلك يثير استغرابي وقد تكرر وما زال يتكرر.

لقد بت اقرأ واسمع اطروحات هؤلاء الذين فشلوا في الانتخابات بأنهم أبرياء من الفشل الذي لم يتسببوا فيه مباشرة، وكانت في نظرهم النهضة واخواتها السبب الوحيد في ذلك الفشل المستفحل،

إنها قمة الغباء الذي لن ينطلي على أحد، لأنهم باتوا في العراء ولم يعد لهم مستقبلا في الحكم الذي تعودوا عليه دائما وأخذوه والولاء أو بالأكتاف السمينة التي توسطت لهم في ذلك.

لقد رأينا البعض منهم كيف يموت على الكرسي ويرضي بعدما كان وزيرا حتى بحاجب.

وأقول في نهاية الكلام ان الشعب فائق بما يفعلون وقد عاقبهم من خلال هؤلاء الذين تولوا الحكم بعد الثورة، وبدون استثناء وللمرة الأولى ولأنه لم ير الا الفشل والهروب للأمام.

فهل رأيتم كيف باتوا يخوفون الشعب الذي اختار رئيسا على هواه رأوا فيه ما يشبههم من وداعة وصدق والصبر على المكاره. إنهم يعرفون قدراته وإمكانياته ومع ذلك فضلوا ضيق العيش معه على رغده في زمن الكذب والتدجيل ومعسول الكلام.

تونس في 16 أكتوبر 2019

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى