دردشة يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة / قرأت لكم كتاب دولة الرشيد

كتب الطاهر بوسمة:

كان ذلك في ايام اقامتي الصيفية بجنان الحمامات التي سبق ان كتبت عنها في السنة الماضية وشبهتها بالإقامة الجبرية، لان المصطاف الذي اقيم توقيا من حر الصيف لم يعد فيه مكانا للحياة الاجتماعية أو الثقافية تمكن العائلات  من التجمع فيه بين الراحة والاستجمام ولمعرفة اصدقاء جدد يأنس بهم في الفراغ.

كان ذلك من سوء تدبير الباعث العقاري ونقابة المالكين وبلدية الحمامات لأنهم اتفقوا على الظلال، وفرطوا في النادي البحري المشيد خصيصا للسكان الذين دفعوا زيادة في الثمن التقديري،.

القد كان موجودا في الامثلة والرسوم الهندسية التي على أساسها رضوا وقبلوا بالشراء، وكان يشتمل على حوض كببر للسباحة ومطعم عادي واخر راق ومقهى تطل على الماء تم انجازها بالفعل. ولكن الباعث العقاري باعه بتواطؤ لاحد الافراد الذي استولى على المكان وحوله لعمارة ذات طوابق حجبت الرؤيا على الجيران، إنها لأنانية وغطرسة النظام السابق التي ليس لها حدود.

لذا حكم علينا بالبقاء في محلاتنا بعد ان يسترق البعض منا فترة زمانية للعوم والسباحة بعد وصول للبحر بمشقة وازدحام.

اردت كتابة هذه المقدمة لأعيد الاحتجاج واذكر نقابة المالكين التي اخذت تعويضا مغريا لا ندري ماذا فعلت به، وباتت الحالة وكأننا نعيش في مبيت تلميذي لا نرى فيه بعضنا لا في الامسيات ولا في المناسبات.

كنت اقترحت يومها على نقابة المالكين في التفكير، ولو في ناد وقتيا للصيف يؤجر طبق كراس شروط وسط ذلك الفضاء الغير مستغل للاعب، ولكن كلامي ذهب في النفخات زمرا.

لذا اغتنمت الاسابيع الاربعة التي قصيتها هذا الموسم في القراءة والكتابة، وأكثر ما شدني كتاب دولة الرشيد من بني العباس، درسا وتقديما للدكتور المنجى الكعبي.

وكان مصدره صورة مجهولة تولى تبيضها حسين بن محمد ودران، في طبعة ثانية منقحة محكمة الإخراج والتنميق، تسلمتها هدية من الصديق الدكتور الكعبي الذي كانت له عليَّ افضال زادتني له حبا واحتراما.

لقد اسعدت حقا بقراءتي لذلك المجلد النفيس المطبوع بعناية وذوق وهو يقع في 667 صفحة من الحجم المتوسط.

اما الذي خرجت به بعد قراءة متأنية لم أكن قبلها أعرف الكثير عن تلك الفترة التي دالت فيها دولة الرشيد وابنيه الامين والمأمون، وكم اشتهرت بتوسع الخلافة الاسلامية وازدهارها بالعلم والثقافة وبالأدب والشعر والطرافة

لذا قدرت انه من الوفاء ان لا اغادر الحمامات قبل أن أكتب ولو نبذة صغيرة عن ذلك الكتاب الذي كنت عند القراءة أشفق على محققه الذي بذل فيه وقتا وجهدا، انارة للتاريخ وللأدب والشعر الطريف.

لكنني وجدت نفسي مجبرا على الاقتصار على القليل لان قراءة الكتاب وحدها تشفي الغليل، وتحول دون التوسع في البحور التي عاشها اشعر الشعراء والادب والادباء الذين كان لهم الفضل في تسجيل التاريخ الذهني، وخاصة في زمن هارون الرشيد وولي عهده المأمون. والقائمة تطول، وقد خصص لهم المحقق فهرسا خاصا اشتمل على ستة صفحات مرتبة بالأحرف الهجائية للغة العربية، وذلك تسهيلا للقراء وللباحثين

لقد كان فيهم شاعر المجون والطرافة أبًا نواس الذي أخصه بالذكر، ولأن القائمة تطول.

وانني بذلك قصرت في حق القراء والمحقق، ولكن أملي في أن يتشجع المغرمون بتاريخ تلك الفترة، أو بالأدب والشعر، وعدم الصبر على معرفة كيف كانت تدار شؤون الدولة وما قامت به من فتحات اسلامية شرقا وغربا.

أما بالنسبة للمحقق الصديق الصدوق الدكتور المنجى الكعبي. فليس لي ما اهديه، الا فخري واعجابي بما يكتبه أو يحققه وينشره، وهو ليس بالشيء اليسير، متمنيا منه المزيد، وراجيا من الله أن يثبته ويعينه لأنه بالفعل مفخرة لتونس وللعروبة.

  الحمامات في٢٣ أوت ٢٠٢٠

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى