دردشة يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة / عن السخرية والتنابز بالألقاب

كتب الطاهر بوسمة :

لقد فتح لنا موقع الفيسبوك فضاء للتعارف والتواصل وطوره للنقاش في القضايا العامة والخاصة وحتى السياسية منها وانتشر في تونس انتشارًا كبيرًا مثلما انتشرت مواقع مماثلة في الشرق الغرب وغيرت معادلة الاعلام الذي كانت تحتكره الصحف الورقية ومن إذاعات وتلفاز عامة وخاصة والإشاعة التي تسمى عندنا براديو قالوا.

انها لغة العصر التي عمت البيوت والنوادي والمجمعات والأحزاب السياسية وحتى دواوين الحكومة التي أصبحت تنزل أخبارها فيها.

لقد باتت تلك الطريقة العملية في متناول الجميع تستعمل بكل يسر وسهولة الى درجة أثرت على الصحافة الورقية التي رأيناها تحتجب بالتدريج وتنخرط في تلك المنظومة التي وجدت فيها انتشارا يشق أطراف الدنيا في اللحظة والساعة التي يكتب الخبر وينشر كي ينتشر كالنار في الهشيم.

لقد كان سلاح ذو حدين يستعمل أحيانًا في غير أغراضه الصحيحة وبات يهدد سلامة المجتمع في اخلاقه وعلاقاته التي كانت مبنية على حد أدنى من الاحترام والمودة، فانقلب بسببه في بعض المرات سلاحا هداما يؤدي للحقد والكره والبغضاء وتخريب البيوت، خاصة ممن لم يتقيدوا بالحدود.  وأدى الى التشكي للقضاء لوضع حد للتجاوزات الغير مبررة أو المعقولة.

رأينا أصحاب ذلك الموقع يقومون بغلق حسابات عدة من مصدرها لما تخرج من المسموح به لأيام او شهور وحتى نهائيًا ولكن إمكانية فتح غيرها من الحسابات والمواقع الوهمية أو المفتوحة تحت اسماء مستعارة زادت في سوء استعمال الوسيلة المذكورة بشدة أكبر تنشر فيها من الاكاذيب والأقوال والصور المفتعلة.

كنت من بين الذين فتحوا لي فيه حسابًا منذ سنين واخترت بعض الأصدقاء حددتهم حسب اختياري وطاقتي وقدرتي على التجاوب ولكن ذلك لم يمنع غيرهم من الدخول عبرهم والتطفل في بعض الاحيان بالتعليق على ما ينشر بكلام ليس له علاقة بالموضوع.

كنت في بعض الاحيان أتجاهل الرد والتعاليق عليها إذا كانت خارجة عن اللياقة والموضوع أو بها سخرية أو تهكم لا محل له من الاعراب أو تقلل من الاحترام وكانت محدودة جدا والحمد لله.

ولكن ذلك لن يمنعني من إبداء رأيي بالنصيحة لأن ذلك شأن يهمنا جميعا كما يهم المتلقين، واخترته اليوم عنوانًا لهذه الدردشة الودية، ولأن الكثير منا يتعمد التجريح في الأشخاص ويتعنى إذابتهم بالسخرية الغير المقبولة.

لم يسلم من ذلك حاكم أو محكوم وبات البعض يتفنن في السخرية والتطاول عليهم ومنهم من يتعمد لمزهم بألقاب هجينة هم لها من الكارهين. لذلك رأيت أن أذكرهم بأن الله نهانا عن ذلك ورتب على المتعمدين ذنوبا كبيرة.

لم أكن في الأصل معنيا بهذا الكلام لأني لم أعمل على إذاية غيري كما لم اتعرض لما يؤذيني الحمد لله رب العالمين، ولكنني رأيت ان أستجيب لما أمرنا به رب العزة من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، مذكرا هؤلاء بالآية الكريمة طمعًا في ثوابه العظيم؛

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} } [ الحجرات 11]

ذلك ما أردت به تذكير الأصدقاء بما قد كانوا عنه غافلين، ويا ليتهم ينقلوا هذه الآية الكريمة على صحائفهم المفتوحة قبل ان يكتبوا عليها ليتقوا النار التي حذرنا منها رب العالمين.

                                      تونس في 5 أكتوبر 2019

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى