بكل جرأة / قيس سعيد سيمثل قلقا لأنظمة عربية وكابوسا لأخرى ولن يكتفوا بالفرجة
وصول اسم غير معروف ومن دون دعم لماكينات ظاهرة او خفية وتصويت الشعب له بنسبة مرتفعة جدا قل ان تحصل في الانظمة الديمقراطية كل هذا حوله الى ظاهرة تتجاوز الشخص .
هذا المعطى لم يعد له تأثير واشعاع داخلي ووطني فقط بل هو يتجاوز ذلك الى الإقليمي والدولي.
فهذا الرجل لم يقدم نفسه ببرنامج اقتصادي او اجتماعي ولا طرح وعودا ورط بها نفسه ولم يدعي كونه يمتلك عصا سحرية لتحقيق الانجازات بل هو خاطب العقول والوعي والمواطن كقيمة قادرة بنفسها على تغيير مصيرها وبناء مستقبلها.
مثل هذا الطرح جديد لا عربيا فقط بل وحتى دوليا فأعتى الديمقراطيات في العالم ترشح شخصيات مدعومة من لوبيات المال والنفوذ ويحصل التنافس بينها .
في امريكا السلطة لا تخرج عن حزبين هما الديمقراطي والجمهوري ومن ينفق اكثر يفوز في الانتخابات ومن تدعمه مراكز القوة فهو رئيس ناجح وفي مقدمتها ممثل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة “الايباك”
في بريطانيا كذلك السلطة محصورة في حزب المحافظين وحزب العمال والتنافس دائما بينهما.
الامر في فرنسا مختلف بعض الشيء لكن النتيجة واحدة فماكرون مثلا صنعته ماكينة وحولته الى نجم جماهيري ليكتشف فيما بعد كونه جيء به لخدمة اصحاب النفوذ والشركات الكبرى والعملاقة.
بمعنى اوضح فان أي رئيس يصل الى البيت الابيض او الإليزيه او غيره هو صناعة واعلام لا انجازات.
في تونس هناك تجربة مختلفة فالماكينة التي تحركت كانت تلقائية هي ماكينة الشباب على الفيسبوك وفي الميدان .
اوصلوه الى السلطة ثم قالوا له نحن معك وسنواصل دعمك ومساندتك وان لزم الامر حمياتك وتوفير غطاء المشروعية لك فعليك العمل .
لكن ليس علينا ان نتقبل كل هذا ببساطة بمعنى ان الجغرافيا الاقليمية خاصة والعربية تحديدا لن تقبل بهذا ولن تهضمه لأنه بات يمثل لها كابوسا وقلقا كبيرا فالأمر تجاوز نجاح الديمقراطية والمسار الديمقراطي في تونس الى تغيير كل الاساليب والتفكير التقليدي ومثلما اثرت تونس بثورتها واسقطت عديد الانظمة فان “غزو” الفكر والوعي اشد تأثيرا .
ما نراه مثلا في الاعلام المصري الخادم للنظام هو نموذج يعكس كل هذا فالحملة المسعورة من اعلاميي البلاط ليست بريئة بل هي تعبر عن هذه المخاوف الكبيرة.
هناك انظمة عربية مازالت لم تطرح مسألة الديمقراطية والحريات مطلقا وهذه قلقة جدا.
هناك ايضا انظمة تقدم وصفة ديمقراطية هي في الحقيقة صورة الديمقراطية لترضي بها شعوبها وتوهمهم كونهم في نظام ديمقراطي وهؤلاء يعيشون كابوسا لان الثورات تتوسع حتى من دون السعي لذلك.
بالنسبة للرئيس التونسي الجديد فهو سيحضر قمما عربية وافريقية واسلامية ودولية وسيتكلم وهؤلاء يخشون ظهور اردغان جديد يدافع عن حقوق بلاده ولا يراعي في ذلك أي حسابات ما دام الوطن والشعب الذي ينتمي اليه هو المعادلة والهدف.
السؤال هنا: هل سيكون قيس سعيد الرئيس التونسي الجديد وما يمثله من مرحلة جديدة قادرا على مواجهة ما سيتعرض له من ضربات وقصف سيكون داخليا وخارجيا؟
هذا السؤال يعني ان هناك مواجهة ستحصل لا مع المنظومة القديمة فقط بل ومع النمط القديم ومع مراكز النفوذ التي لن تكون محصورة في الداخل فقط بل وفي الخارج ايضا.
اصحاب العروش لا يخيفهم شيء مثل الديمقراطية والحريات وبالتالي التجارب الناجحة التي تمثل ذلك.
الزعماء الديكتاتوريين سيكون خوفهم مضاعفا لانهم يدركون ان الموجة العاتية والعالية تسبقها فترة هدوء وان هناك شعوب تتبع النماذج الناجة بتلقائية.
محمد عبد المؤمن