الاتفاقية التجارية مع قطر وتركيا / ما هي … وهل هي لصالح تونس ام ضد مصالحها…التفاصيل + وثائق

تونس – الجرأة نيوز / محمد عبد المؤمن

رغم المخاطر الكبيرة التي مثلتها الاتفاقية المعروفة ب ” الأليكا” أي اتفاقية التبادل الحر مع الجانب الأوروبي الا انها لم تعرف مثل هذا الجدل الحاصل حاليا حول اتفاقية تجارية قدمت كمشروع قانون لمجلس نواب الشعب مع كل من قطر وتركيا .

الغريب ان اغلب من تحدثوا ان كانوا مع او ضد لم ينطلقوا من جوهر الموضوع والاتفاقية ذاتها وما تنص عليه بل موقفهم بني اما على اساس ايديولوجي بمعنى اعتبار الاتفاقية مع قطر وتركيا بالتالي  مع الاخوان او ان ما يحرك هو المصلحة حيث ان هناك من يبحث عن رضاء قطر وتركيا ومعهما دولارات الدوحة واسطنبول او العكس فهناك من يبحث عن ارضاء خصومهما.

لذلك فقلة من تعاملوا مع الاتفاقية بموضوعية ودرسوها علميا ووطنيا ايضا لا لإرضاء هذه العاصمة او تلك .

ما هي هذه الاتفاقية ولماذا احدثت كل هذا الجدل؟

سنقدم وثائق حول الاتفاقية ويمكن للقارئ ان يحكم بنفسه عليها لكننا سنساعده في فهم بعض الاشياء وذلك بالرجوع الى من يفهمون في الاقتصاد لكن مع الحذر دائما فليس كل موقف قد يقدمه خبير او مختص يراد به وجه الله فقط بل قد يكون ارضاء لوجوه اخرى.

اهم معضلة تتعلق خاصة بإنشاء فرع لصندوق قطر للتنمية بتونس هو ما اعتبر من قبل بعض السياسيين كونه امتيازات غير مسبوقة تتعلق بالإعفاءات من الضرائب والأداءات  القمرقية  وامتيازات اخرى تتعلق بالصلاحيات بما فيها الاجراءات القانونية حين حصول الخلافات والتقاضي أي الحصانة من التتبع والمحاسبة.

بعض الخبراء فسروا البنود المتعلقة بهذه المسألة كون الحكومة او الدولة التونسية لا يحق لها  الاعتراض على طبيعة مشاريع معنية ان كانت متخالفة مع توجهها وهنا يحضرون فرضيات مثل الخوف من التطبيع وفتح المجال للعملاء والجواسيس خاصة وان الصندوق القطري يحق له تشغيل اجانب وقتما شاء بالشروط التي يراها هو مناسبة له.

في مقابل هذا فان الجانب القطري يرى ان الهدف من انشاء فرع لصندوق التنمية القطري هو مساعدة اقتصاد تونس كما فعلت مع بلدان اخرى عبر مشاريع تنجز في بلادنا تمكن من تحقيق مردود وايضا توفير مواطن شغل.

في هذا الاتجاه سار الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق محسن حسن معلقا على الجدل الحاصل لقوله:

تابعت عديد التحاليل و المواقف حول مشروعي القوانين المذكورين و المعروضين على مجلس نواب الشعب للمصادقة بعد الموافقة عليهما من قبل لجنة الحقوق و الحريات منذ شهر فيفري الماضي،مواقف حددتها الإنتماءات الحزبية و الأيديولوجية دون دراسة قانونية و إقتصادية علمية تضع مصلحة تونس فوق كل الاعتبارات و الولاءات.

بالنسبة لمشروع القانون المتعلق بتشجيع و حماية الإستثمارات بين تونس و تركيا ،أود أن أشير إلى ما يلي:

 

1: تربط تونس و تركيا إتفاقية مماثلة تعود إلى سنة 1991 و يعتبر مشروع القانون المعروض محاولة لتطويرها بما يتماشى و القانون الدولي للإستثمار و كذلك قانون الإستثمار في تونس، لابد من التذكير أيضا بأن تونس أمضت ما يزيد عن50 إتفاقية ثنائية مشابهة لنفس الغرض،

 

2: لا علاقة لهذه الإتفاقية الثنائية بإتفاقية التبادل التجاري الحر المبرمة بين البلدين و التي دعوت إلى تطويرها و مراجعتها بما يمكن من الحد من العجز التجاري بين البلدين .

 

3: تعتبر هذه الإتفاقية أحد الحلول لدفع الإستثمار التركي في تونس و الحد من تأثيرات إرتفاع العجز التجاري بين البلدين و تحويل تونس إلى منصة للصناعة التركية الموجه خاصة للدول الإفريقية.

 

4: لا تشمل هذه الإتفاقية العمليات التجارية و كذلك الإستثمارات و المساهمات التي تقل عن 10%من رأسمال الشركات و بالتالي فهي تخص الإستثمارات في القطاعات المنتجة و المشغلة،

 

5: لا تمنح هذه الإتفاقية المستثمرين الأتراك إمتيازات إستثنائية حيث أن قانون الإستثمار التونسي لا يسمح بالتمييز بين المستثمرين الأجانب و المحليين و كذلك المقيمين و غير المقيمين،

 

6: لا تمس هذه الإتفاقية من السيادة الوطنية بأي حال من الأحوال و لا تعطي للمستثمرين الأتراك الحق في تملك العقارات إلا بما يسمح به القانون التونسي الحالي و الذي يمنع تملك الأجانب للأراضي الفلاحية بصفة قطعية و يسمح بتملك عقارات في المناطق الصناعية و يخضع تملك بقية العقارات لترخيص الوالي ،

 

7: في حال نشوب نزاعات ، تنص الإتفاقية على اللجوء للتحكيم التجاري ثم بعد ذلك القضاء و هذا التوجه معمول به في جل الاتفاقيات ذات البعد الإقتصادي و المالي الدولي و ليس فيه أي مساس بالسيادة الوطنية أو إستنقاص من دور القضاءالتونسي .

 

أعتقد أنه من الضروري التحلي بالمسؤولية و العمل على الإستفادة من هذه الإتفاقية لدفع الإستثمارات التركية في تونس بعيدا عن كل توظيف سياسي و إيديولوجي.

 

في ما يتعلق باتفاقية المقر بين تونس و صندوق قطر للتنمية ،يجب الإشارة إلى أن جل مؤسسات التمويل و التعاون الدولي المنتصبة في تونس أمضت إتفاقيات مماثلة شكلا و مضمونا و تحصلت على نفس الامتيازات المتعلقة بطرق التسيير و الإنتداب و تحويل المرابيح و من هذه المؤسسات الفاعلة أذكر وكالة التعاون الامريكيةUSAID و كذلك الوكالة الألمانية GIZ …كما تحصلت جل الشركات الخليجية كسماء دبي و كذلك مشروع بوخاطر على نفس الإمتيازات المذكورة في نص الإتفاقية.

ينتظر أن يساهم الصندوق القطري في تمويل مؤسسات القرض الصغير و المؤسسات المالية بما يمكن من خلق فرص عمل و توفير التمويلات الضرورية لدفع الإستثمار في المشاريع الصغرى خاصة .

درست بكل تدقيق مشروع هذه الإتفاقية و لم أجد ما يمس سلبا من سيادتنا المالية أو الإقتصادية بل بالعكس ،أعتقد، أن بلادنا في أمس الحاحة إلى تواجد كل الصناديق السيادية الخليجية في تونس لدفع الإستثمار و تمويل الإقتصاد و تطوير التعاون العربي في هذا المجال.

آن الأوان أن تتنازل الطبقة السياسية عن كبريائها و تقتنص كل الفرص المتاحة لتطوير التعاون الدولي و المساهمة في خلق النمو الإقتصادي الدامج بعيدا عن الصراعات الوهمية .

 

السؤال الذي نطرحه هنا: هل فعلا هدف قطر الوحيد هو مساعدة تونس دون حسابات سياسية؟

الامر الثاني: هل ان معارضة بعض الاحزاب والسياسيين منطلقه الوحيد مصلحة الوطن ام هناك حسابات سياسية وايديولوجية كونهم ينتمون لمعسكر آخر.

السؤال الثالث المهم: لماذا تريد النهضة نسبة هذا المشروع اليها رغم انه اتفاق بين دول لا احزاب ؟

هنا لن نتحدث عن موقف التيار سابقا ثم موقفه بعد الدخول في الحكومة فهو من النقيض الى النقيض فاليوم يعلن كونه مع الاتفاقية بل ويدافع عنها والمشكل ليس هنا بل في تغيير المواقف مثل تغيير الجوارب.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!