معاذ بن نصير باحث في علم الاجتماع : قد تتجاوز هذه الحملات مفهوم الظاهرة لتصبح ثقافة

معاذ بن نصير باحث في علم الاجتماع يكتب :

ان ما تشهده تونس هذه الايام هي نتيجة حتمية لتراكمات اجتماعية و اقتصادية بالأساس، فحجم المشاكل و الازمات و قدرة التونسي على التحمل على مر ثماني سنوات ما بعد الثورة قد بلور له الوعي الجمعي، حيث يرتبط الوعي الجمعي بالمعرفة التي تشكل نظام الحياة التي تشكل سلوكيات المجتمع، بمعنى أن الوعي الفردي يمكنه أن يشكل الوعي المجتمعي من خلال تكريس تبادل المعرفة وتحويلها إلى سلوكيات وقوانين تنظم كل أشكال الحياة في المجتمع، وبهذا يصبح المجتمع أكثر نضجًا وتأثيرًا وإنتاجًا، ولذا نرى أن كثيرًا من الشعوب استطاعت أن تتقدم وتخلق لنفسها مساحة من الحركة الفعلية في مختلف ميادين الحياة بعد أن تمكنت من تحويل الوعي الفردي لمفكريها إلى وعي وسلوك مجتمعي قاد التغيير في تلك المجتمعات.
و هذه الحملات قد بدأت بشكل فردي من اشخاص فاعلين داخل المجتمع عايشوا الوضع الكارثي للنظافة بتونس و كذلك الوضع المتأزم للطرقات و للمعاهد و حالة اللااهتمام التي مست جميع القطاعات، لتنتشر بعد ذلك في شكل أوسع و قد ساعد الفايسبوك على تعميم المعلومة لتصل إلى العديد من المواطنين.
ظهر الوعي فالحقل السياسي و ليصل إلى الجانب الاجتماعي كحالة تأثير و تأثر سياقيا، فمن حيث المجال تتعدد أنواع الوعي حسب مجالات المعرفة كما أشرنا، غير أننا نركز هنا على أنواع أساسية من المعرفة، لا ترتبط بالضرورة بالحقل التخصصي للفرد، بل ينبغي أن يلم بها أفراد المجتمع ولو بشكل بسيط لأنها على علاقة وثيقة بحياتهم اليومية، كما أنها على علاقة وثيقة بالتغيرات التي تشكل حياتهم بشكل عام، ومن أبرز تلك المجالات: الوعي الأخلاقي، والوعي السياسي، والوعي البيئي، والوعي الاقتصادي، والوعي الثقافي، إضافة إلى الوعي المعرفي.
قد تتجاوز هذه الحملات مفهوم الظاهرة لتصبح ثقافة، ثقافة مجتمع ككل، ثقافة النظافة و ثقافة الاحترام المتبادل و ثقافة القانون و علويته، لذا المسؤولية تقع على عاتق الجميع بدءاً من المواطن مرورا بالمجتمع المدني و الاعلام و المدارس و الشارع…
نأمل بأن نؤسس لثقافة جديدة تقطع مع الموروث المتهرم بسلبياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى