د.أحمد القديدي يكتب : تاريخ الإرهاب الإسرائيلي ينير حرب الإبادة الراهنة !

كتب : د.أحمد القديدي

أتعامل يوميا مع الإعلام الأمريكي و الأوروبي بسبب انشغالي السياسي و الصحفي بتوجهات الرأي العام الغربي وهو كما تعلمون المحدد الأكبر لمواقف دول الغرب فالغرب دول «ديمقراطية» لكنها ديمقراطية الاقتراع ولا تعني لا الموضوعية و لا الواقعية و لا الانحياز للحق في سن الخيارات لأن الرأي العام قابل للتلاعب المبرمج باهتماماته و ردود أفعاله وهو معطى ليس جديدا طرأ مع حرب الإبادة الراهنة التي يشنها اليمين الإسرائيلي المتهور مع بنيامين ناتنياهو على شعب فلسطين بل هو معطى عريق جدا بدأ منذ 1897 بمعاهدة (بازل) بسويسرا حين أشرفت دول غربية على مؤتمر صغير إنعقد في تلك المدينة السويسرية برئاسة الصحفي و الكاتب اليهودي (تيودور هرتزل) صاحب أشهر كتاب هو (الدولة اليهودية) THE JEWISH STATE الذي كان الواضع لخارطة طريق تأسيس الدولة اليهودية و حدد لها محطات تحققت بالكامل حيث اختار الكاتب و المنظر (هرتزل) رقم 7 من كل عشرية لينفذ مشروع الدولة اليهودية لأن اليهود يخططون و العرب المستهدفون لا يخططون بل يتخبطون!

و من عجائب خارطة طريق اليهود أن كتاب (الدولة اليهودية) صدر عام 1897 و بعد عشرة أعوام في عام 1907 إنعقد في لندن أول مؤتمر يهودي جمع رجال البنوك و المال و الصحافة ثم عام 1917 صدر لهم وعد بلفور و عام 1927 بدأ تنظيم الهجرات اليهودية نحو فلسطين ثم عام 1937 قضى الاستعمار البريطاني على ثورة عز الدين القسام المسلحة و جاء عام 1947 ليرى إنشاء منظمة الأمم المتحدة لدولتين بقرار 29 نوفمبر 47 (دولة عربية و دولة يهودية) و حدث ما حدث من النكبة و التهجير و الإبادات الممنهجة على أيدي عصابتين إرهابيتين صهيونيين هما (شترن) و (الهاجانا) و هما اللتان قتلتا (الكونت برنادوت) مبعوث الأمم المتحدة و هما اللتان فجرتا فندق الملك داود بالقدس على رأس مواطنين أنجليز و عرب أي أن دولة إسرائيل قامت على الإرهاب منذ نشأتها.

و نواصل مع الرقم 7 ليشهد عام 1957 إنجاز أول مفاعل نووي إسرائيلي في صحراء النقب وهو مفاعل ديمونة بإعانة فرنسا أنذاك ثم تعرفون ما جرى عام 1967 من حرب الأيام الخمسة (لا الستة) بتدمير سلاح الطيران المصري و السوري و الأردني و ضم ما تبقى من أراض عربية تعتبرها إسرائيل ضامنة لحمايتها (القدس و سيناء و الجولان من جنوب سوريا و الضفة الأردنية و قطاع غزة و جنوب لبنان مزارع شبعا) حتى شن السادات عام 73 حرب العبور التي تعد نصف انتصار لأن الجنرال أريال شارون إحتل الكلمتر 101 الشهير في مصر مهددا بغزو القاهرة! ثم جاء موعد 7 الجديد مع 1977 بزيارة السادات نفسه الى الكنيست و التخلى المصري النهائي عن المقاومة و استعادت مصر سيناء بلا سيادة منزوعة السلاح حسب الإتفاق الموقع في كامب ديفد برعاية الرئيس الأمريكي كارتر. و توالت تواريخ 7 ليشهد عام 1987 أول اعتراف لمنظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل و زوال مبدإ إزالة إسرائيل لإنشاء دولة فلسطين كان ذلك خطوة تأكيد حسن نية الزعيم ياسر عرفات و ترويض منظمته المقاومة لدخول عصر «السلام الأمريكي»! الذي توج بتوقيع معاهدات عديدة بين إسرائيل و الفلسطينيين من مدريد إلى أوسلو إلى شرم الشيخ انتهاءا بمهرجان حديقة البيت الأبيض و المصافحة التاريخية بين إسحاق رابين الذي اغتاله متطرف صهيوني و بين ياسر عرفات في سبتمبر 93 …حتى اغتيال أبو عمار بمادة البولونيوم عام 2002 و وفاته في مستشفى (برسي بباريس).

هذه القراءة التاريخية ضرورية لشباب العرب اليوم حتى يدرك خفايا حرب الإبادة لكل نفس مقاوم لإسرائيل الجارية اليوم في أسبوعها الثاني ما بين غزة و القدس و الضفة تحت صواريخ جو أرض دقيقة تغتال قادة حماس و الجهاد و تبيد أطفال فلسطين للقضاء على المستقبل و وأد المقاومة! و لكن هيهات فالمعادلة تغيرت بفضل إصرار أحرار فلسطين و شبابها الرافض للخنوع على المقاومة فتطورت أليات الدفاع الفلسطيني و تهدد أمن المدن و القرى الإسرائيلية و التحم الشعب الفلسطيني من القطاع للضفة للداخل الأخضرلأول مرة منذ عقدين و كسبت قضية فلسطين تعاطف و اخترام البرلمانات الغربية و أغلب الإعلام المستقل في العالم. هذا هو المكسب العظيم و أول خطوة على طريق استعادة الحقوق و عزل الأبرتايد الإسرائيلي المدان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى