بكل جرأة / قناة الجزيرة…لماذا فقدت شعبيتها

كانت قناة العربية تتهم دائما بكونها غير محايدة وأنها تخدم أجندا محددة واضحة وصريحة .

في المقابل كان ينظر لقناة الجزيرة كونها موضوعية والسبب ليس دائما موضوعيتها بل كونها انساقت في خط يرضي المشاهد العربي الذي يبحث دائما عن المحظور ليشاهده ويستمع اليه.

قبل اندلاع الربيع العربي كانت الجزيرة صوتا لمن لا صوت لهم للمعارضين السياسيين ومنهم من تونس فالمرزوقي مثلا لم يكن يجد له وسيلة اعلام تنقل مواقفه الا الجزيرة والحوار التونسي في نسختها القديمة أي زمن كانت ملكا للطاهر بن حسين قبل ان يبيعها في اطار صفقة درت عليه الكثير من المال .

مع اندلاع الثورات العربية واصلت الجزيرة خطها لكنها بدأت تحيد عن الموضوعية التي يراها المواطن العربي ومع اختلاط الامور خاصة بعد اشتعال الوضع في ليبيا بان واضحا ان الامر يتجاوز ايصال المعلومة الى وظيفة جديدة هي صنع المعلومة.

أذكر في سنة 2011 وقبل سقوط القذافي بأشهر قليلة كنت في ليبيا في عمل صحفي ميداني حول الحرب الليبية او الثورة الليبية كل كما يراها وكل كما يسميها .

كانت قناة الجزيرة تعلن عن مواجهات عنيفة في مناطق في طرابس بينما كنت حينها في طرابلس ولم يكن هناك وجود بأي شكل من الأشكال لهذه المواجهات التي تتحدث عنها القناة.

هذا مجرد مثال والأمثلة حول هذا كثيرة خاصة فيما عايشته حينها في ليبيا لان الجزيرة لم تكن القناة الوحيدة التي تصنع اخبارا وتنقلها بينما هي خلاف ما يحصل على الارض.

قناة الجزيرة كانت صوت المعارضة في العالم العربي وكانت صوت المقاومة وكنا قبل 2011 نضطر لتأجيل كل شيء بل كان اعداد الصفحة الاولى يؤجل الى حين انتهاء حسن نصر الله من خطابه وحينها كانت الجزيرة تطلق عليه زعيم المقاومة وسيد المقاومة وسماحة الشيخ.

اليوم وبعد ان تغيرت المواقف السياسية في البلد المحتضن للقناة صار حزب الله ميليشيا مسلحة وجماعة مسلحة وصار السيد حسن نصر الله وهو سيد المقاومة ارادت الجزيرة والعربية ومن وراءهما ذلك ام لم تريداه .صار السيد حسن نصر الله زعيم ميليشيا او جماعة حزب الله.

الاغرب من هذا ان من كانوا بالأمس من مقدمي برامج يقدمون قصيدة مدحية وهم يتحدثون عن نصر الله صاروا اليوم يصفونه بنفس تلك الصفات.

القنوات الاخبارية العربية لم تنجح كلها لكن قناة الجزيرة كانت استثناء الى حين أي الى ان وضعت في الاختبار الحقيقي حينها صارت امور اخرى ومواقف اخرى.

اليوم قناة الجزيرة لم يعد همها الثورات العربية او الربيع العربي بل ادارة الصراع الخليجي الخليجي وخوض المعركة مع الامارات والسعودية ومع قناتي العربية وسكاي نيوز وهما وسيلتا اعلام لهما نفس الخط أي تنفيذ اجندا سياسية .

لو اردنا ان نتحدث عن الحيادية في وسائل الاعلام الكبرى فهي غير موجودة لكن كبديل عنها هناك الموضوعية والاحترافية وهذا الامر تعمل عليه قنوات مهمة في العالم استطاعت ان تخفي اجنداتها ففرونس 24 او بي بي سي كلها قنوات لها خط لكنه لا يظهر بسهولة على خلاف القنواات الاخبارية العربية التي تظهر خطها بل تكشفه وتفضح نفسها.

محمد عبد المؤمن

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى