مقدمة
في زمن تتقاطع فيه الحريات الفردية مع التمثيل الرسمي، يأتي تحجّب وزيرة الاسرة و المرأة و الطفولة و كبار السن التونسية اسماء الجابري كخطوة لافتة تفتح الباب لنقاشات فهل يُعدّ ارتداء الحجاب من قِبل وزيرة رسالة تعفّف ؟ أم هو قرار شخصي يُفترض ألا يُخضع لتأويلات سياسية أو اجتماعية؟
بين من يراه موقفًا إيمانيًا نبيلًا، ومن يربطه بالحسابات السياسية أو المجتمعية، يبقى الحدث محطّ اهتمام، خاصّة عندما يتعلق بشخصية عامة.
الحجاب… حين تختاره امرأة في موقع السلطة
لحجاب ليس مجرد غطاء للرأس، بل رمز ديني وثقافي واجتماعي. وعندما ترتديه وزيرة أو نائبة ، يتحوّل إلى حدث عام، لأن صاحبته تمثّل الدولة، وقد سبق وظهرت بشكل رسمي غير محجبة.
لذا، تحجّبها قد يُقرأ كالتالي:
-
رسالة تعفف بعد تجربة سياسية صاخبة.
-
موقف قيمي يُعبّر عن تحوّل حقيقي في الشخصية.
تحجّب الوزيرة: رسالة تعفّف تُحترم
تعبيرًا عن التواضع والاعتراف بأن المنصب زائل.
دعوة غير مباشرة للنساء بأن الرجوع إلى الله لا وقت له.
رد اعتبار للهوية الدينية في ظل تسويق مبالغ فيه للعلمانية في بعض الأوساط.
في كل الأحوال، تحجّب الوزيرة يُعد رسالة تعفّف ذات بُعد أخلاقي وروحي، تُثير الاحترام أكثر
الحجاب في الإسلام: فريضة لا ترتبط بالعمر
الحجاب في الشريعة الإسلامية هو أمر ديني واجب على المرأة المسلمة البالغة، لكنه ليس مرتبطًا بمرحلة عمرية معيّنة. كثير من النساء يرتدين الحجاب في سنّ مبكر، بينما تختار أخريات ارتداءه لاحقًا في الحياة، سواء بعد سن الأربعين أو حتى الخمسين والستين.
لماذا تتحجّب المرأة في سن متأخر؟
أسباب ارتداء الحجاب في سن متقدّم قد تختلف من امرأة إلى أخرى، ومنها:
1. العودة إلى الله بعد رحلة طويلة
تشعر كثير من النساء في منتصف العمر أو الشيخوخة بحاجة للتقرب من الله والتوبة، خاصة مع مرورهن بتجارب قاسية أو تغيّرات حياتية مثل المرض، فقدان الأحبة، أو حتى التقاعد.
2. النضج الروحي والفكري
قد لا تشعر بعض النساء في سن الشباب بأهمية الحجاب، لكن مع مرور الزمن واكتساب الخبرة والوعي الديني، يتغيّر فهمهن ويصبح الحجاب خيارًا نابعًا من اقتناع داخلي عميق.
3. تأثير بيئة جديدة أو أصدقاء صالحين
الانخراط في محيط محافظ أو مخالطة نساء ملتزمات قد يلعب دورًا كبيرًا في تغيير القناعات الدينية واتخاذ خطوة الحجاب.
4. الرغبة في الطمأنينة والرضا النفسي
كثير من النساء يعبّرن أن الحجاب في الكِبر يمنحهن راحة نفسية وشعورًا بالسكينة، وكأنه ستر معنوي وجسدي يقرّبهن من الله.
هل الحجاب المتأخر مقبول دينيًا؟
نعم، الحجاب يبقى واجبًا شرعيًا في كل مراحل العمر بعد البلوغ. لكن التأخر في الالتزام لا يُلغي قيمته أو يُبطله. بل يُعتبر ارتداؤه – ولو في سنّ متأخر – علامة خير وتوبة، والله يفرح بعودة عباده إليه في أي وقت.
قال رسول الله ﷺ:
“إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل…”
رواه مسلم.
ماذا يقول المجتمع؟
ردود أفعال المجتمع على الحجاب المتأخر تتفاوت. فبين مشجع ومساند، يظهر أحيانًا استغراب أو تساؤل. لكنّ الأهم أن تكون الخطوة نابعة من قرار داخلي ورضا ذاتي، لا إرضاء للناس