نحو الترفيع في سن التقاعد مجددا
رجّح المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ناجي جلول أن تواصل الدولة التونسية في سياسة الترفيع في سن التقاعد خلال السنوات القادمة، مشيرا إلى أنه ”يمثل أحد الحلول المتوفرة حاليا لحل أزمة الصناديق الاجتماعية المتفاقمة”.
وقال لوكالة تونس إفريقيا للأنباء على هامش دراسة نظمها المعهد، البارحة، لتقديم دراسة بعنوان “أي مستقبل للمتقاعدين في تونس؟” إن الترفيع في سن التقاعد أمر لا مفر منه في خضم الأزمة التي تعصف بالصناديق الاجتماعية، مؤكدا أن عديد البلدان في العالم تتجه لهذا المنحى.
وأكد جلول بأن المعهد قام بدراسات أثبتت أن جزءا هاما من الموظفين لا يرغبون في إحالتهم على التقاعد عند بلوغهم سن الستين، موضحا أن جزءا هاما أيضا من المتقاعدين يواجهون مصاعب مالية كبرى بسبب انهيار مقدرتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار بسبب تقاعدهم.
ويقول “إذا تحدثا مثلا عن فئة الأساتذة الجامعيين الذين يباشرون عملهم بصفة متأخرة هناك جزء كبير منهم يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة بسبب انهيار مقدرتهم الشرائية بعد إحالتهم على التقاعد”.
وصادق مجلس نواب الشعب (البرلمان) مطلع شهر ماي الماضي، على الترفيع في سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما إثر مناقشة مشروع القانون المتعلق بنظام الجـرايات المدنيـة والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي.
ونصّ القانون على الترفيع بسنة واحدة بداية من جويلية 2019 بالنسبة للأعوان الذين بلغوا سن التقاعد بداية من هذا التاريخ إلى غاية 31 ديسمبر المقبل، وبزيادة سنتين بداية من جانفي 2020 بالنسبة للأعوان الذين بلغوا سن التقاعد بداية من هذا التاريخ.
وحسب الدراسة التي أنجزها المعهد، من المرتقب أن يصل عدد المتقاعدين في تونس سنة 2024 إلى نحو مليون و200 ألف و500 متقاعد، وهو ما سيزيد من كلفة النفقات الصحية للدولة ويعمق أزمة الصناديق الاجتماعية التي تعيش عجزا ماليا كبيرا، وفق جلول.
ومن بين الحلول الأخرى التي اقترحها جلول لحل أزمة الصناديق الاجتماعية فرض ضريبة على السلع الكمالية الموردة بالعملة الصعبة وإحداث هيكل خاص يعنى خصيصا بالمتقاعدين بدلا من وجود هياكل مشتتة وصناديق اجتماعية متعددة.
كما دعا إلى ضرورة التفكير في تنشيط حياة المتقادين بعد انتهاء فترة عملهم وذلك بإدماجهم في الأنشطة الثقافية والترفيهية وتشريكهم في الاستشارات الوطنية حول مشاريع القوانين للإدلاء برأيهم في صنع القرار ودمجهم بشكبل فعال في المجتمع.
ويرى جلول أن هناك تفاوتا بين المتقاعدين بين أشخاص نجحوا في خلق مشاريعهم الخاصة بعد التقاعد وآخرون اندمجوا في النشاط الجمعياتي وغيره، بينما “تنتظر البقية الموت” في إشارة إلى تردي وضعياتهم النفسية والمادية والصحية.
وحسب نفس الدراسة هناك قرابة 117 ألف متقاعد يتقاضون جرايات قيمتها إلى 100 دينار أو أقل شهريا، ما دفع مؤخرا الحكومة إلى إقرار حد أدنى لجرايات التقاعد بما يعادل مقدار المنحة الشعهرية للعائلات المعوزة أي 180 دينارا شهريا لكل منتفع.