محمد عبو ويوسف الشاهد وراء تسريب وثيقة «الانقلاب الدستوري»
نشر الجامعي والباحث زهير اسماعيل على صفحته على الفايسبوك تدوينة تحت عنوان من سرّب وثيقة «الانقلاب الدستوري»؟
وقال في التدوينة لسؤال: من سرّب** وثيقة «الانقلاب الدستوري»؟ وجهان:
الوجه الأوّل : من المستفيد من هذا التسريب هذه الأيّام؟
الوجه الثاني: من المتضرّر من إمكانية التقارب بين سعيّد والغنوشي، أو حتّى هدنة مؤقتة بينهما؟
الإجابة: توجد ثلاث جهات محلية متضرّرة من هذا التقارب الممكن والهدنة المتوقعة. وقد كانت هناك وساطات إقليمية (قطر) نتج عنها بدايات مساع في هذا الاتجاه (ديلو).
هذه الجهات هي آل عبّو ، «حكومة الأكاديمية»، ويوسف الشاهد (مفدي المسدّي).
ماورد بالوثيقة كان قاله حرفيًا محمد عبو وسامية ومحمد عمار (اقترح رئيس الكتلة الديمقراطية العوينة مكانا لحجز الشخصيات السياسية الأولى في الدولة والأحزاب). وعبو أول جهة متضررة من تقارب/هدنة بين الغنوشي وسعيدّ. فمحمد عبو موتور، أي طالب ثأر لجرح إسقاط حكومة الفخفاخ ولمسيرة سياسية شخصية انتهت بهزيمة مرة، وربما لمآرب أخرى.
الجهة الثانية هي « حكومة الأكاديمية » (بقيادة الناصفي والمقدّم وواجهة المشيشي) المتمعّشة من وضع النهضة والمستثمرة في خلاف الغنوشي وسعيّد.
وأي تقارب سيحرمها من مواصلة الاستثمار في هذه المعادلة التي لا تمنع من ابتزاز النهضة من جهة سعيّد( مشاكسته دون محاربته) ومن جهة عبير (التمسك بموقف سحب الثقة من رئيس البرلمان، وشبه التحكم في الحكومة وتعييناتها في المركز والجهات).
والجهة الثالثة هي الشاهد المنشار وما بناه (نقصد ما هدمه من الاقتصاد والمالية) من شبكة مصالح داخل الإدارة بتحالفه مع النهضة ضد السبسي (النهضة بملابساتها الخاصة صارت مأوى لأبناء السيستام «الضالّين»). والراعي الدولي لهذا الخليط المتحالف (أعني فرنسا، وتحديداً جهةً في السياسة الفرنسية) ليست بعيدة عن كل هذا.
يُرجّح أن يكون تسريب «وثيقة محمد عبو» من فعل الشاهد وأبناء الأكاديمية (حتى بعد تحديد المصدر الألكتروني للوثيقة) لأنهم أكبر متضرر من مجرد هدنة بين سعيّد والغنوشي في هذه الظرفية السياسية وما تمثله الزيارة إلى ليبيا من فتح أفق نحو الخروج من الأزمة المركبة ومن مغانم لأشبال الأكاديمية ولوجسيالهم الغنائمي المستحكم.
هذا لا يمنع من التذكير بما أتاه سعيّد من خرق جسيم للدستور ومن استهداف للديمقراطية ولمؤسسات الدولة والسلم الأهلي بمعية ذيوله الوظيفية. ولكن كل تقارب أو هدنة مع الغنوشي قد يعيد ترتيب المشهد إلى ما قبل حكومة الجملي أو اللحظة الأولى لحكومة الفخفاخ، وقد يعيد لمحمد عبو «شاهد العقل» (بالحسابات الشخصية على الأقل فالمبادئ ديست بالأقدام) بعد أن صار الأخسر سياسيا وأخلاقيًا. فهو الأكثر قابلية للتوظيف حين يدخل في مواجهات شخصية غير محسوبة.
ليس في هذا أمل في العودة إلى عودة إلى وهم «الصف الثوري»، ولكن الاتجاه الدولي الغالب والمفروض في المنطقة ( ليبيا /تونس خاصة) يتجاوز أخلاق السياسة ومبادئ الحكم ليرسي ما يحفظ مصالحه بعناوين لا تتناقض في الظاهر على الأقل في التوجه العام نحو بناء الديمقراطية وتأسيس الحرية.
اللاعبون الدوليون (فرنسا، الولايات المتحدة ) يختلفون ولكنهم لا يتناقضون والمنتصر منهم يترك من الفتات ما به يحفظ كرامة شقيقه (الحالة الفرنسية).
ما ذكرناه لا يغيّر من طبيعة الفاعلين في علاقتهم بمسار الديمقراطية ، مثلما تقرّر عندنا في نصوص سابقة تشهد به أقوالهم وأفعالهم، ولكنه يمكن أن يفرض عليهم أدوارًا جديدة في غياب الأدنى من شروط الموقف السيادي .
———-
عبارة التسريب من المجاز لأنّ مضمون الوثيقة قيل علنا ومن أكثر من جهة وبالصفاقة اللازمة. ولكن التسريب عملية سياسية لقطع طريق ما وتوجيه المشهد باتجاه ما أشرنا إلى جانب منه.