مافيات السجائر ترتع كما تريد : ” مارس ليجار” وصل 4300 مليما …بضعة أشخاص يستحوذون على نصف مليار دولار سنويا من احتكارها
الجرأة نيوز/ محمد عبد المؤمن
مع ازمة الوباء المنتشر في تونس فان الباب صار مفتوحا بل مشرعا للفاسدين لكي يرتعوا كيفما يشاؤون وسط عجز من الحكومة عن مواجهتهم سوى ببعض البيانات والشعارات التي تردد اما الاجراءات فلم تتعدى ذرا للرماد على العيون.
من بين القطاعات التي استحكم فيها الفساد قطاع السجائر فاليوم صارت الاسعار التي كنا نتحدث عنها سابقا كونها غلاء نعيما امام ما يحصل فالمافيات التي تسيطر على سوق الدخان أي السجائر في القباضات وخارجها تضخمت وصارت لها حصانة لا ندري ممن .
منذ 2011 والازمة المرتبطة بالسجائر تتصاعد حيث باتت الاسعار التي تفرضها الدولة في ضفة و السعر الحقيقي أي سعر البيع في ضفة اخرى.
هذا الوضع يعكس صورة سوداوية كاملة لما يمر به هذا القطاع ويتعرض له من حالة “اغتصاب” من قبل قلة هي بضعة اشخاص او بضعة رؤوس افتكت جزءا كبيرا وهاما من موارد الدولة وحولتها الى جيوبها .
السؤال الاول الذي نطرحه هنا هو : اين الدولة طوال تسع سنوات ؟
بمعنى هل عجزت عن كشف هؤلاء المهربين والمحتكرين ام انها عاجزة امامهم؟
لا يمكن الحديث عن عجز الدولة فالدولة لا تنقصها قوة الردع ولا الصرامة ولا ان “تحمر عينيها” وتضرب بيد من حديد لكن ما ينقص هو الارادة السياسية لضرب الفساد والمفسدين.
ماذا يحصل في القطاع؟
علينا هنا ان نفهم ما يحصل بالضبط حتى وصل الوضع الى ما هو عليه الان.
وفق الارقام الرسمية فان 300 مليون علبة سجائر مهربة تدخل بلادنا أي بغير الطرق الرسمية بأكثر وضوح هي ليست تحت سيطرة وكالة التبغ والوقيد وخارجة من حسابات وزارة المالية.
من هنا فان قيمة هذه البضائع تذهب في جيوب اشخاص مجهولين.
قلنا ان الارقام الرسمية تتحدث عن هذا لكن واقع الحال اكثر قتامة فنحن هنا نتحدث عن نوعين من السجائر المهربة وهي المغشوشة والمقلدة والاخرى الاصلية.
فالسجائر المضروبة تدخل بلادنا وهي مجهولة المكونات والمصدر لكنها رغم ذلك تباع في كل مكان في كامل تراب الجمهورية جهارا نهارا بل هناك من فتحوا دكاكين خاصة لبيعها في العاصمة.
الاتجاه الثاني او المسلك الثاني للتهريب هو اخراج السجائر التونسية الصنع وتهريبها للخارج وهذا لا يتم عبر الحدود والطرق الجبيلة الوعرة بل له مسالك معروفة منها موانئ وحتى مطارات.
هدر للمال العام
وفق تقرير اصدرته شركة توباكو الانقليزية والتي تعاني من تقليد منتوجها فان تهريب السجائر في تونس لوحدها وصل الى رقم مهول وهو نصف مليار دولار .
اين تذهب. لمن تذهب. اين المراقبة واين الدولة؟
هذا الرقم يشمل المعاملات المباشرة فقط أي الارباح من دون احتساب ما تخسره ميزانية الدولة من ضرائب على السجائر كانت ستدخل خزينتها.
لو عدنا الى سؤال : اين تذهب هذه الأموال فان الجواب هو كون بضعة اشخاص نصبوا انفسهم زعماء للقطاع او زعماء في امبراطورية سوداء للتهريب يقوم على نهب موارد الدولة وتحقيق ثروات كبيرة وضخمة.
نفس التقرير حذر من خطر آخر وهو ان هذه الارباح قد تكون لها صلة بتبييض الاموال وغسيلها وايضا الارهاب فالإرهاب لا بد له من تمويلات وليس هناك قطاع اكثر توفيرا للمال من السجائر .
الغريب في الامر ان أي محاولة لإصلاح هذا القطاع والتصدي للتهريب تواجه بشراسة بل يصل الامر الى ردات فعل على غرار تحريض على اعمال عنف وقطع طرقات واحتجاجات ظاهرها الدفاع عن مطالب مشروعة وباطنها ان لوبيات السجائر والتهريب عموما يحركون اشباحهم مستغلين خصوصية الوضع بالبلاد وهشاشة الوضع الامني بل اكثر من ذلك يستغلون مبادئ حقوق الانسان لتصوير الوضع وكانه اعتداء ان كان امنيا او من الديوانة .
هذا الامر بات يتطلب تحركا حازما وصرامة من الدولة واجهزتها فتواصل الوضع بهذه الكيفية لم يعد من الممكن السكوت عنه والقبول به لان ما يذهب لجيوب هؤلاء المستكرشين هو موارد للدولة كانت ستذهب لإقامة طرقات ومستشفيات وانجاز مشاريع تنموية او اجتماعية .