كل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن/ صواريخ قيس سعيد والمضادات الجوية لخصومه

بقلم محمد عبد المؤمن :

عندما تحدث رئيس الجمهورية قبل فترة عما سماه منصات للصواريخ التي لم يحركها وقد يحركها في أي لحظة كان المقصود من كلامه بأن هناك مؤامرات كثيرة تحاك في الخفاء وفي الغرف المظلمة وانه يعلم بها وقد يتحرك ضدها .

سعيد استدرك ايضا ليؤكد كونه لا يريد ان يحدث فتنة ولعله اراد ان يقول الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها والفتنة اشد من القتل .

مفهوم الفتنة هو الفوضى والتسيب الذي يفتح الباب لإضعاف الدولة .

من يوم ان تحدث قيس سعيد عن صواريخه التي اعطاها مفهوما مخصوصا فليست هي صواريخ مادية بل هي استعارة اراد ان يوصل من خلالها رسالة وقد نجح في ذلك حيث وصلت الرسالة لمن يهمهم الامر لكنهم عوض ان يستوعبوا ما جاء فيها طفقوا يخصفون عليهم من المخططات والمؤامرات والتشويه.

مؤخرا حصل خلاف بين رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الثقافة وليد الزيدي وبسرعة تحركت الماكينات التي كانت تشتغل فيما مضى وبنفس الاسلوب لكن هذه المرة بأكثر ثقة لأنه في وقت بن علي كان العقاب شديدا عند الخطأ اما اليوم فالعقاب هو الحرمان من العطاء  قد يكون هذا شديدا أيضا.

خلال الازمة بين الرجلين يخرج ثالث ” سبهللا” ودون سابق اعلام او انذار وفي خروج كامل عن السياق ونقصد هنا برهان بسيس ليقول بأن قيس سعيد بدأ يطلق صواريخه عن طريق وزير الثقافة.

البعض يصف برهان بكونه ملسن ومكلماني وهذا قد يكون صحيحا لكنه اليوم لا يتكلم بتلك البلاغة التي كان يتكلم بها في وقت بن علي لكنه اكثر ثقة .

برهان نال عفوا خاصا من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وخرج من السجن وعاد الى الاعلام ككرونيكور يحلل ومازال يحلل وسيبقة يحلل. البعض يعجب بتحاليله ومعلوماته ومازال هو ايضا يستخدم نفس الاساليب لإقناع الرأي العام لكن هذه المرة الخطاب اختلف فلم يعد الممدوح بن علي ولا الباجي قائد السبسي بعده بل صار الغنوشي الذي هو عنده افضل سياسي وهو محنك مع العلم انه قال فيه سابقا ما لم يقله مالك في الخمر.

لنتجاوز برهان ونعود لجوهر المسألة .

صواريخ قيس سعيد التي اراد من خلالها ان يضع الاصبع على موطن الداء تحولت عند المؤلفة قلوبهم الى صواريخ حقيقية لا معنوية لذلك فهم نصبوا منصات الدفاع وراجمات الصواريخ للرد على ما يرونه حربا .

في الحقيقة تصورهم للمفهوم صحيح فهي حرب لكنها ليست كما يرسمونها في مخيلاتهم لأنها حرب القيم ضد انعدامها وحرب المبادئ ضد اللؤم وحرب الصدق ضد الكذب والبهتان والخبث.

قيس سعيد اليوم يصور كونه يواجه الماكينات وحيدا فقد اجتمع عليه النظام القديم مع النظام الجديد بقيادة الشيخ التكتاك مع اصحاب النفوذ المتحكمين في الانشطة الحيوية وسوق التهريب والتوريد وغيرها.

هؤلاء ابتكروا خلطة سحرية جمعوا فيها بين كل المتناقضات فالمقرونة مع الحمامة مع البنفسجي مع الثورجي والنتيجة ظهور جماعة تريد ان يكون لها هي ايضا نصيب من الغنيمة بعد ان ذاقت حلاوة السلطة وطلاوتها ومتعتها .

وجربت المداهنين والمنافقين والكذابين وسقط المتاع .

لكن هل فعلا قيس سعيد يواجه كل هؤلاء وحيدا؟

هذا ليس صحيحا.

فسعيد اليوم لا يمثل نفسه ولا شخصه بل يمثل رؤية جديدة وعقلية جديدة تريد طريقا ثالثا بعيدا عن تجار الدين وبهلوانات الاعلام ومافيات السياسة.

هو يمثل جيلا جديدا لا يريد شيخا يلقنه ما يفعل وما يقول ولا رفيقا يرفع له شعارات لينين وماركس .

هو لا يريد ثورجيين يكذبون مثلما يشربون ويأكلون .

هو جيل ليس في حاجة لشيخ تكتاك يقودهم الى التهلكة والضياع بابتسامة ماكرة خبيثة وهو يحسب انه يحسن صنعا.

قيس سعيد يمثل شباب تونس واطفالها الذين سيكونون بعد عقد آخر هم الفاعلين بعد ان يكون مرتزقة السياسة وتجار الدين قد رحلوا.

هذا المقال نشر في الجراة الأسبوعية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى