بكل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن/ سأحدثكم عن الرائع زياد الهاني والعمل معه في زمن الحرب بليبيا

كتب محمد عبد المؤمن:

عندما اجتمعنا في مطار تونس قرطاج لتقلنا الطائرة الى جربة ومنها ندخل الى ليبيا برا حصلت مفاجأة مفرحة رأيت فيها اهم معطى ايجابي يحصل  في خضم كم كبير من التوتر.

في هذ الرحلة التي فضل الكثير من الصحفيين عدم خوضها بحكم خطورتها وجدت الزميل والصديق زياد الهاني يحل بحقيبته .

سبب المفاجأة ان زياد هو صحفي صحيح وله خبرة مهمة في صحافة المتابعات لكن في نفس الوقتهو  رئيس تحرير بجريدة الصحافة وليس مطلوبا منه القيام بهذه المهام لكنه زياد دائما  لا يهتم بكل هذا ولا يعنيه الا انه صحفي .

لا يمكن انكار ان الكل كان متوترا بل اكثر من هذا كان هناك نوع من الشعور بالخوف وهنا نتحدث عن  اشهر قليلة او هي اسابيع  قبل سقوط نظام القذافي وسيطرة الثوار على العاصمة طرابلس.

الدخول الى ليبيا في مثل تلك الاوضاع مجازفة وما اريد ان ان أتحدث عنه هنا ليس سرد ما حصل فسيأتي الوقت لذلك في اطاره لكن الاهم عندي هو ان تواجد زياد معنا كان مصدرا للطمأنينة وتقليص التوتر وحتى الخوف.

اريد ان اقفز بعض الشيء عن الاحداث هنا وانتقل الى رحلة الألف كم بين طرابلس وسبها في الجنوب أي انها رحلة برية امتدت لساعات وسط الصحراء في وضع اشبه بالمغامرة فالكل قد تكون لهم هدفا خاصة وان كان التحرك بأكثر من سيارة تسير مترافقة فقد يقصف طيران الناتو وقد يهجم الثوار وقد تهجم كتائب القذافي فالوضع حينها أي في 2011 اشبه بالفوضى ولا احد تعنيه قوانين الحرب او حماية الصحفيين .

في السيارة الرباعية التي كانت تسير بأقصى سرعة ممكنة في طريق طويل في وسط الصحراء كنا ثلاثة صحفيين العبد لله وزياد وامين بن مسعود وخلالها تحدثنا كثيرا .

من بين ما رسخ في الذاكرة واظنه كلام لن ينسى ما قاله زياد ونحن نتحدث عن اوضاع الصحفيين وما تعرض له القطاع ويتعرض حينها من تضييقات واعتداءات واستتغلال:” انا عندما يتم الاعتداء على صحفي بأي طريقة كانت فاني ادخل في المعركة ونضرب عليه بالبونية وندافع عليه وبعد نسأل”.

في مقابل هذا خطرت في بالي مقارنة بين من كانوا يسمون بعميد الصحفيين والصحفي المحنك وصاحب صحيفة كذا وكذا وما كانوا يفعلون بالصحفيين وكيف كانوا يعقدون الصفقات مع السلطة ويستعملون نفوذهم هذا في استغلالهم واستنزافهم ورميهم في الخطر بدون ضمانات ولا حتى امكانيات الهم ان يأتوا بالعمل وتتباع الجريدة ويجمعون ويكنزون ثم بعد ذلك يأخذون القلم ليكتوبوا المقالات والبطاقات ليكذبوا على خلق ربي ويدعوا المثاليات ويرووا الأكاذيب  لكن التاريخ لا يرحم ومادامت الذاكرة الجماعية والفردية بخير فان الحقائق لن تموت وستعرف بتفاصيلها يوما سيأتي  لامحالة .

ذكرت هذه الحادثة مع زياد لأنها مرتبطة بأخرى لا بد من روايتها للتاريخ ايضا.

انتقال زياد الهاني الى ليبيا في تلك الظروف الصعبة والخطيرة لم يكن لأداء مهمة صحفية فقط تتعلق بمتابعة تطورات الصراع او الثورة بل جاء لأنه قرر ان ينقذ صحفيا وقع في الاسر واعتقل في سجون نظام القذاقي ولا احد يعرف مصيره .

من اتحدث عنه هو الصحفي بالجزيرة لطفي المسعودي وزياد جاء ليطالب بإطلاق سراح صحفي تونسي ومواطن تونسي .

بينما كان بعض السياسيين هناك في طرابلس يعقدون الصفقات مع النظام بتعلة  مساندة ليبيا ضد عدوان الناتو كان زياد يتحرك في كل الاتجاهات ويأخذنا معه .

مع كل مسؤول نلتقي به يطرح عليه ملف لطفي المسعودي بل انه في احيان كثيرة عرض نفسه للخطر من اجل مطلبه .

ووصلنا حينها الى مقابلة الرجل القوي في نظام القذافي والساعد الايمن لسيف الاسلام القذافي موسى ابراهيم .

لم يستغل لقاءه لطلب حوار صحفي سيحقق له شهرة كبيرة وصيتا  و” البوز”  كما يقال باعتبار ان الرجل صندوق اسرار النظام حينها بل الموضوع الوحيد الذي حدثه عنه كان اطلاق سراح لطفي المسعودي .

في النهاية اطلق سراح المسعودي لكن من وجه له الشكر  على جهوده كان احد السياسيين اما زياد فلم يشكره احد وهو لم يطلب ان يشكره احد بما في ذلك من المعني بالأمر الذي لم نره مطلقا او نتواصل  معه منذ عانقنا في معبر راس جدير مودعا.

أردت ان اكتب هذه الأسطر لأحيي الزميل والصديق العزيز زياد . زياد الهاني واذكره بتلك الايام في ليبيا وفي سبها واحداث كثيرة ستروى بمصداقية .

هذا المقال نشر في الجرأة الأسبوعية

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى