فلاّح تونسي يحصد القمح في فصل الشتاء ويطور حبة قمح تنتج 194 سنبلة

في‭ ‬وقت‭ ‬تشهد‭ ‬فيه‭ ‬تونس‭ ‬هيمنة‭ ‬البذور‭ ‬الموردة‭ ‬والهجينة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الحبوب،‭ ‬يبرز‭ ‬تألق‭ ‬فلاح‭ ‬تونسي‭ ‬يُدعى‭ ‬حسن‭ ‬الشتيوي،‭ ‬الذي‭ ‬استطاع‭ ‬بمجهود‭ ‬فردي‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬إنجازًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭.‬

حسن‭ ‬الشتيوي،‭ ‬الذي‭ ‬يملك‭ ‬ضيعة‭ ‬فلاحية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬برج‭ ‬العامري‭ ‬بولاية‭ ‬منوبة،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفلاحي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬استطاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجاربه‭ ‬العملية‭ ‬وعلاقته‭ ‬الوثيقة‭ ‬بالقمح‭ ‬والشعير‭ ‬أن‭ ‬يُصبح‭ ‬رائدًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البذور‭ ‬المحلية‭.‬

قضى‭ ‬الشتيوي‭ ‬عقودًا‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬التسعينات،‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬الحبوب‭ ‬والمشاتل،‭ ‬وزراعتها‭ ‬في‭ ‬مقاسم‭ ‬ضيعته‭ ‬الفلاحية،‭ ‬وتجربته‭ ‬المستمرة‭ ‬أتاحت‭ ‬له‭ ‬اكتشاف‭ ‬67‭ ‬نوعًا‭ ‬نادرًا‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬الأصيلة‭ ‬والمتأقلمة‭ ‬مع‭ ‬طقس‭ ‬تونس‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الصعبة‭.‬

ويؤكد‭ ‬الشتيوي‭ ‬أن‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬الأصيلة‭ ‬لها‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬وتتميز‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الظروف‭ ‬القاسية‭ ‬وقلة‭ ‬الأمطار،‭ ‬وأنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬إنتاجية‭ ‬هامة‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬للمبيدات‭ ‬الكيميائية‭ ‬والأسمدة‭ ‬الصناعية‭.‬

وبينما‭ ‬يُشدد‭ ‬الشتيوي‭ ‬على‭ ‬خطورة‭ ‬انقراض‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬الغذائية،‭ ‬فإنه‭ ‬يعمل‭ ‬جاهدًا‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬وإحياء‭ ‬هذه‭ ‬البذور‭ ‬وتوزيعها‭ ‬مجانًا‭ ‬على‭ ‬الفلاحين،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬الاعتماد‭ ‬الذاتي‭ ‬والتخلُّص‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬البذور‭ ‬المستوردة‭.‬

وتمثل‭ ‬قصة‭ ‬حسن‭ ‬الشتيوي‭ ‬واستمراره‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬وتطوير‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬الأصيلة،‭ ‬رسالة‭ ‬قوية‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬والزراعي،‭ ‬وضرورة‭ ‬تشجيع‭ ‬البذور‭ ‬المحلية‭ ‬كركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والاستدامة‭ ‬البيئية‭.‬

تجسد‭ ‬جهود‭ ‬حسن‭ ‬الشتيوي‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬الفردية‭ ‬القدرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬للفلاحين‭ ‬التونسيين‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الزراعة‭ ‬المحلية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الغذائية‭ ‬للبلاد‭.‬

ومع‭ ‬انطلاق‭ ‬عملية‭ ‬زراعة‭ ‬67‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬التونسي‭ ‬الأصيل،‭ ‬يتجه‭ ‬الاهتمام‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬تنوع‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الوراثية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬البذور‭ ‬المحلية‭ ‬كخطوة‭ ‬أساسية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الحبوب‭ ‬وضمان‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬للمواطنين‭.‬

يُعتبر‭ ‬حسن‭ ‬الشتيوي‭ ‬ومنظمة‭ ‬تونس‭ ‬تنتج‭ ‬مثالًا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لإحياء‭ ‬البذور‭ ‬المحلية‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬قاعدة‭ ‬تنموية‭ ‬مستدامة‭ ‬للزراعة‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى