رسالة موجهة لرئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان : هل تم الإيقاع بشباب القائمات المستقلة أمام دائرة المحاسبات ؟

وجهت الهيئة الوطنية للمجتمع المدني رسالة إلى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان طالبة منه التدخل لدى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة لايقاف المحاكمات الجائرة في حق الشباب والمعطلين عن العمل والفقراء وغيرهم الذين ترشحوا في اطار قوائم مستقلة خاصة سنة 2014 والمبادرة بالتخفيض في الخطايا المشطة مثلما هو الشان بالنسبة لانتخابات 2011 وملاءمة القانون الانتخابي مع احكام الفصل 117 من الدستور وبصفة احتياطية التدخل لدى المجلس الاعلى للقضاء وجمعية القضاة التونسيين لضمان شروط المحاكمة العادلة في المخالفات الانتخابية واحترام الدستور والتطبيق السليم لاحكام الفصل 98 من القانون الانتخابي المتعلقة بالتنبيه على اعضاء القائمات المستقلة فردا فردا. هذا وقد عبرت الهيئة عن تخوفها جراء عدم توفر شروط المحاكمة العادلة وبالاخص تلك الواردة بالفصل 103 من الدستور. وفي ما يلي نص الرسالة الموجهة إلى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.

“لا يخفى عليكم ان الفصل 98 من القانون عدد 16 لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء نص بوضوح، قبل تحويره بمقتضى القانون عدد 7 لسنة 2017، على ما يلي :”إذا لم يتم إيداع الحساب المالي لقائمة أو مترشح أو حزب تتولى محكمة المحاسبات التنبيه على الجهة المخالفة وإمهالها مدة ثلاثين يوما. وفي صورة عدم إيداع الحساب خلال هذا الأجل، تقضي محكمة المحاسبات بتحميلها خطية تساوي خمسة وعشرين ضعفا لسقف الإنفاق…”. اما الفصل 100 من نفس القانون فقد نص بوضوح على ما يلي : “تسلّط العقوبات المالية الواردة في هذا الفرع على الحزب السياسي المعني إن كانت المخالفة الموجبة للعقاب مرتكبة من قبل حزب سياسي وتسلّط على أعضاء قائمة المترشحين بالتضامن فيما بينهم إن كانت المخالفة الموجبة للعقاب مرتكبة من قبل قائمة مترشحة”.

وباعتبار ان القائمة المستقلة ليس لها الشخصية القانونية وليس لها ممثل قانوني وباعتبار المسؤولية التضامنية بين اعضاء القائمة المستقلة فان التنبيه الوارد بالفصل 98 في صياغته القديمة وجب ان يوجه بالنسبة للمترشحين في اطار قائمات مستقلة لانتخابات 2014 الى كل اعضاء القائمة المستقلة وهو ما لم تقم به النيابة العمومية بدائرة المحاسبات حين اكتفت بالتنبيه على رئيس القائمة المستقلة دون سواه مخالفة بذلك الضمانات الواردة بالفصل 98 في صياغته القديمة أي قبل التحوير المدخل على القانون الانتخابي خلال سنة 2017.

فقد تم توجيه التنبيه المشار اليه بالفصل 98 من القانون الانتخابي من قبل النيابة العمومية بدائرة المحاسبات الى “رئيس القائمة” وليس كل اعضاء القائمة المستقلة فردا فردا خلافا لاحكام الفصول 86 و98 و100 من القانون الانتخابي الذي ينص بوضوح على ضرورة التنبيه على كل اعضاء القائمة المستقلة وهذا الخلل الجوهري يجعل اجل التسوية مفتوحا. فبقية اعضاء القائمة المستقلة من حقهم التنبيه عليهم شخصيا طالما ان العقوبة تسلط عليهم بالتضامن وعلى القائمة التي ليست لها الشخصية القانونية على خلاف الحزب. الغريب في الامر ان يتم استدعاء كل اعضاء القائمات المستقلة للجلسات الحكمية وابلاغهم الاحكام الابتدائية في حين انه لم يتم التنبيه عليهم فردا فردا لتسوية وضعيتهم وهذا يستنتج منه ان الخطا الاجرائي الجسيم كان متعمدا خاصة بعد اصرار القضاة على عدم احترام اجراء التنبيه على كل اعضاء القائمات المستقلة. وهنا نتساءل اذا ما تم ارتكاب هذا الخطا الاجرائي الجسيم بصفة متعمدة للايقاع ببقية اعضاء القائمات المستقلة. هل يعقل منطقا وقانونا ان يتم تحميل  المسؤولية بالتضامن لبقية اعضاء القائمة المستقلة من اجل خطا لم يرتكبوه علما ان القانون الانتخابي لم يؤهلهم لمسك حسابات القائمة مثلما هو الشان بالنسبة لرئيس القائمة المؤهل الوحيد قانونا لتلك المهمة ؟

وقد كبر تخوفنا بعد الاطلاع على بعض التصريحات الخطيرة التي مفادها ان على رئيس القائمة المستقلة التنبيه على بقية اعضاء القائمة المستقلة والحال ان بقية اعضاء القائمة المستقلة لم يؤهلم القانون الانتخابي لمسك محاسبة القائمة ولا يتحوزون على تلك الوثائق. الاغرب من ذلك ان يتم اعتبار التطبيق الخاطئ للاحكام الواضحة المتعلقة باجراء التنبيه فقه قضاء والحال انه لا يمكن اعتبار الاخطاء القضائية المرتكبة عند تطبيق نص واضح فقه قضاء. فقد ورد بالفصل 532 من مجلة الالتزامات والعقود ان “نص القانون لا يحتمل إلا المعنى الذي تقتضيه عبارته بحسب وضع اللغة وعرف الاستعمال ومراد واضع القانون”. وفي يلي نص العريضة الموجهة لامين عام المنظمة.

 

ايضا، تم تحديد مهام دائرة المحاسبات بوضوح بمقتضى الفصل 117 من الدستور الذي نص على ما يلي :” تختصّ محكمة المحاسبات بمراقبة حسن التصرّف في المال العام، وفقا لمبادئ الشرعية والنجاعة والشفافية، وتقضي في حسابات المحاسبين العموميين، وتقيّم طرق التصرف وتزجر الأخطاء المتعلقة به، وتساعد السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية على رقابة تنفيذ قوانين المالية وغلق الميزانية…”. طبقا لتلك الاحكام، لا يجوز لدائرة المحاسبات القضاء في المخالفات الانتخابية باعتبار ان القانون الانتخابي اسند لها اختصاصا جديدا بصفة مخالفة للفصل 117 من الدستور.

ورغم تدخل المشرع في اطار القانون عدد 7 لسنة 2017 لتحوير الفصل 98 من القانون الانتخابي للتخفيض في الخطية المالية في حدود 10 مرات المبلغ الاقصى للمساعدة العمومية التي تقدمها الدولة بالدائرة المعنية أي بما قدره 103 الف دينارا الا ان ذاك المبلغ يعد مشطا وغير متناسب مع الخطا الشكلي. ذاك التحوير ابقى على الطابع المشط للعقوبة التي تتعلق باخطاء شكلية لم تلحق اضرارا بالخزينة العامة. فقد نص الفصل 16 من المرسوم عدد 91 لسنة 2011 المتعلق بمراقبة دائرة المحاسبات للحملة الانتخابية على انه “يمكن” لدائرة المحاسبات تطبيق خطية على من لا يودع وثائق ودفاتر الحملة الانتخابية تتراوح بين 1000 و5000 دينارا وليس 103 الف دينارا.

وللدلالة على النية  المبيتة للاحزاب الحاكمة الرامية الى الاقصاء والاحتكار والتطهير والتنكيل بمن تخول له نفسه الترشح للمناصب العامة في اطار قائمات مستقلة، يكفي معرفة ان من لا يرجع المنحة الانتخابية التي تصرفها الدولة لا يتعرض لاي عقاب في حين ان من لا يودع وثائق المحاسبة والحملة الانتخابية لدى دائرة المحاسبات في اجل 45 يوما بعد الاعلان النهائي عن نتائج الانتخابات وبعد التنبيه عليه ومنحه 30 يوما ليقوم بذلك يتعرض لخطية مالية انتقامية ومشطة.

سيدي الرئيس، نرجوا منكم، بعد صدور أحكام ابتدائية عن دائرة المحاسبات دون احترام لشروط المحاكمة العادلة ودون احترام لاجراء التنبيه على كل اعضاء القائمات المستقلة وعلى ضوء احكام غير دستورية وفي ظل عدم احداث المحكمة الدستورية، التدخل لدى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة لايقاف المحاكمات الجائرة في حق الشباب والمعطلين عن العمل والفقراء وغيرهم الذين ترشحوا في اطار قوائم مستقلة خاصة سنة 2014 والمبادرة بالتخفيض في الخطايا المشطة مثلما هو الشان بالنسبة لانتخابات 2011 وملاءمة القانون الانتخابي مع احكام الفصل 117 من الدستور وبصفة احتياطية التدخل لدى المجلس الاعلى للقضاء وجمعية القضاة التونسيين لضمان شروط المحاكمة العادلة في المخالفات الانتخابية واحترام الدستور والتطبيق السليم لاحكام الفصل 98 من القانون الانتخابي المتعلقة بالتنبيه على اعضاء القائمات المستقلة فردا فردا”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى