خطاب سعيد و انتظارات الشعب
عبد الرزاق بالرجب : كاتب و باحث في الحضارة
خطاب تسحرك لغته حتى تكاد تذهل عن مضامينه ، يحفز خيالك فتتبع الناس الحفاة العراة المصممين على التغيير لا يثنيهم الحر و لا الأنواء يقصدون مكاتب الاقتراع راجلين أو على ظهور الدواب و تتصور الإرهابي و قد أمطره رصاص لا يحد و لا يعد
خطاب يوظف السرد و الشعر و القرآن و يبعث فيك الأمل و النشوة فترى خزائن الدولة و قد فاضت و ترى قيود الديون و قد كسرت ، خطاب يغتصب منك التصفيق اغتصابا
خطاب بعث برسائل عديدة بلاءاته الكثيرة فلا تسامح مع الفاسدين و لا تراجع عن مكاسب المرأة و لا مجال للتراجع عن تعهدات تونس الدولية في الحقيقة خطاب مطمئن إلى أبعد الحدود و لكن لو كان للرئيس صلاحيات أوسع
وهنا مكمن الفرس إذ تحدث الرئيس في كل شيء تقريبا لكنه أهمل نقطة تشغل الرأي العام حاليا و هي تكوين الحكومة الجديدة و التي تبدو حسابيا غير ممكنة التشكل حاليا نظرا لما أفرزه الصندوق من تشتت يستحيل معه تكوين أغلبية في مجلس النواب .
ما يجب الانتباه إليه أيضا حديث الرئيس عن عصر جديد عصر غير مسبوق عن تغيير جدير بالتدريس في الأكادميات و مؤسسات البحث ، تغيير سيزلزل ما ترسخ من مفاهيم سياسية منذ عشرات العقود
ما هي ملامح هذا التغيير إذا و ما هي سبل تحقيقه ؟
أما الهبة الشعبية و التغيير بالصندوق فقد سبقتنا له عدة شعوب كبوليفيا التي استطاعت التخلص من النظام القديم و تصعيد مورالس رئيسا للبلاد .
أعتقد أن الرئيس لن يتدخل في تكوين حكومة النهضة و حلفائها و لن يعينها حتى بإيماءة من رأسه سينتظر بصبر متناهي عجزها عن تكوين الحكومة سيفرض حكومته و سيتمنى سقوطها إذا لم يدفع نحو إسقاطها دفعا حتى يحل مجلس النواب و سيدعم أحزابا أو قوائم مستثمرا ثقة الشعب فيه و إجماع الناس غير المسبوق حول شخصه و بذلك يصبح الطريق مفتوحا لتشكيل مشهد كامل من إنتاجه و إخراجه و ربما أيضا نقح الدستور و دشن عصر الديمقراطية المباشرة التي يبشر بها