ثلاثة رؤساء في صراع…قرطاج والقصبة فباردو… مخاوف من سيناريو لبناني يشتت السلطة بين الاخوة الأعداء
تونس – الجرأة الأسبوعية : محمد عبد المؤمن
ما تعيشه تونس اليوم من صراع سياسي لا يمكن فصله عن الدستور الذي وضع في 2014 والذي وصف حينها كونه أفضل دستور في العالم .
لكن مع الوقت بان جليا كون افضل دستور في العالم احتوى على قنابل موقوتة صارت تظهر تباعا عاما بعد عام.
بداية الازمة حصلت في الصراع بين رئيس الجمهورية الاسبق الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد حيث ان رأسي السلطة التنفيذية دخلا في خلاف سرعان ما تحول الى صراع انتهى ظاهريا بقبول قائد السبسي بالشاهد في منصبه لكنه في الباطن كان ينتظر الفرصة لرد الفعل.
هذه الازمة انتهت تلقائيا بوفاة الرئيس لتأتي بعد ذلك انتخابات جديدة وتفرز وضعا جديدا هو رئيس له مشروعية وشرعية شعبية كبيرة جعلت منه يمتلك قوة معنوية تتجاوز ما منحه اياها الدستور.
بالتالي فالوضع صار مبنيا على رئيس محدود الصلاحيات لكن له دعم شعبي كبير ورئيس حكومة له صلاحيات كبيرة لكنه فاقد للدعم الشعبي.
الامر سرعان ما انعكس على رئيس الحكومة الاول وهو الياس الفخفاخ الذي غادر القصبة تحت نيران الاحزاب .
في المرحلة الموالية اعيد خلط الاوراق من جديد وكان التصور ان التنسيق بين الرئيس ورئيس الحكومة سيتواصل كما كان في فترة حكم الفخفاخ لكن من اختاره قيس سعيد سرعان ما انقلب عليه حتى قبل ان تتم المصادقة على حكومته لننتهي مجددا نحو وضع آخر صار محكوما بثلاثية الرؤساء.
اليوم السلطة موزعة بين ثلاثة رؤساء وثلاثة مراكز قوى هي قرطاج والقصبة وايضا باردو باعتبار ان رئيس مجلس النواب ليس من النوع الزاهد في الحكم والسطوة والنفوذ.
السؤال هنا: هل ان هذا الوضع طبيعي؟
الوضع ليس طبيعيا لان السفينة التي يشرف عليها اكثر من ربان واحد يكون مصيرها الغرق وهذا ما يحصل اليوم .
في الظاهر هناك تحالف بين الغنوشي والمشيشي ضد قيس سعيد لكن في الحقيقة فان كل طرف يسحب البساط لنفسه فالغنوشي والمشيشي اتفقا على مصالح وهذه المصالح ستزول في مرحلة ما عندها سيتغير الوضع تماما .
ما يقلق اكثر من كل هذا بسبب توزع السلطة بين ثلاثة رؤساء هو كابوس اللبننة ان صحت العبارة حيث ان كل رئيس يعمل منفصلا عن الاخر روغم اختلاف الظروف بين تونس ولبنان الا ان المقصود هنا هو تشتت السلطة وتوزعها بين مراكز قوى غير منسجمة فيما بينها.
نشر هذا المقال في الجرأة الأسبوعية