تونس بين مسلمين واسلاميين …قيسيين ولا قيسيين
تونس الجرأة نيوز :
قبل سنوات عاشت تونس انقساما حادا ضرب مجتمعها صنف كونه استقطاب ثنائي.
هذا الاستقطاب كان بين النهضة ومن هم ضد النهضة وضمن هذا اندرج الحداثيون والقوميون واليسار بل باختصار اكثر من اللازم كل الاطياف الاخرى في مقابل النهضة.
تلك التجربة كانت صعبة على البلاد ككل وعلى النهضة خاصة وبفضل تكتيك شيخها ووجود شخصية براغماتية مثل الباجي قائد السبسي انقذت النهضة نفسها وتمكنت سفينتها من الرسو على الشاطئ.
لكنه رسو لم يكن هادئا.
ما كان يحصل هو تراكم كبير للازمة وحالة الاحتقان فيما كانت النهضة تغمض عينيها عنه وتتصرف وكأن شيئا لم يحصل بل كانت تعيش فترة استرخاء وطمأنينة ورمت بكل الازمات خلف ظهرها ظنا منها ان شيخها قادر على حل كل المعضلات بتكتيكاته.
ما حصل منذ الانتخابات الفارطة وحتى قبل اعلان النتائج ونقصد رئاسيا خاصة ان رقما جديدا دخل المعادلة لم تتوقعه النهضة بل لم تقرأ له حسابا لا هي ولا شيخها .
استفاقتها كانت نوعا ما متأخرة وقد حاولت ان تنسجم مع المعطى الجديد من خلال استثماره في الانتخابات التشريعية واظهرت دعما له ونقصد هنا المرشح حينها قيس سعيد.
الكل حاول الاستثمار في هذا الاسم بما في ذلك اكبر خصومه اليوم ائتلاف الكرامة بل ان صوره كانت تظهر في الحملات الانتخابية والاجتماعات الشعبية .
بعضهم مضطر وبعضهم لتحقيق مصلحة ما او للاستفادة من اللحظة.
نقطة الفرقة النهائية ونقول النهائية لان الفرقة كانت حاصلة منذ البداية والنهضة كانت تدرك أنها لن تكون مشروعا لقيس سعيد وانه هو لن يكون في خط واحد معها ولن يعقد معها أي صفقة.
نقطة الفرقة كانت يوم طرد الفخفاخ من قبل شيخ النهضة مرغما الرئيس على الرضوخ لكنه رضوخ كان له ما بعده وما بعده كان ثمنه قاسيا وصعبا ومكلفا.
اليوم النهضة خسرت الكثير من الاوراق بل لم يبق لها من روقة مضمونة الا رئيس الحكومة لان بقاءه مرتبط بها وهي صارت مرتبطة به.
للأسف التبعات لم تنته هنا بل امتدت للمجتمع ككل حيث صار الانقسام من نوع دديد ومقاييس جديدة.
الرئيس عبر عنها من جامع الزيتونة في كلمة كانت رمزية ولها ابعادها.
حين صدح بكون هناك مسلمون مؤمنون وهناك اسلاميون.
الرئيس هنا اعلن الفرقة الكاملة وانه لم يعد هناك مجال للالتقاء لا في خط مستو ولا في خط منحن ولا حتى دائري لأنه ببساطة لا يحبذ الخطوط الدائرية.
الانقسام اليوم في مجتمعنا احتد اكثر وصار بين قيسيين ولا قيسيين فمن هوضد النهضة صار قيسيا ومن مع النهضة صار لا قيسيا .
لكننا لا نتحدث عن قيسية ويمانية هنا لكن في احيان كثيرة التاريخ يعيد نفسه.
محمد عبد المؤمن