تحليل سياسي : ايران …ديمقراطية تحميها الثورة
تونس – الجرأة نيوز:
اهتمت اغلب وسائل الاعلام العالمية والعربية اليوم بالانتخابات الرئاسية الايرانية .
هذا الاهتمام يعكس اهمية الحدث وفي ذات الوقت اهمية البلد حيث ان ايران استطاعت بعد الثورة التي حصلت فيها وعبر عقود بناء قوة كبيرة صار لها تأثير مهم ومحوري في كامل المنطقة .
فايران اليوم ليست من دول الهامش او كما يقال تسجيل المشاركة بالحضور بل صارت لها كلمة وهذا الامر اكتسبته بعمل سنين وعقود .
بالتالي فالاهتمام الكبير بالانتخابات له ما يبرره وما يفسره لان هناك جهات كثيرة تنظر اليها بل ان بعضها يريد ان يرى الفشل.
السؤال هنا : هل نجحت الديمقراطية الايرانية؟
الاجابة عن هذا السؤال لا يكون بنعم ام لا لأن مفهوم النجاح مختلف وكل يراه وفق حساباته وتقييماته بل وحتى مصالحه.
من جهة فان ايران هي ديمقراطية مخصوصة وسط بيئة لا تنتشر فيها الديمقراطية كثيرا فباستثناء حالات قليلة مثل تركيا فاغلب الدول المحيطة بها ملكية سلطوية وراثية لا تعرف من الديمقراطية الا اسمها ورسمها.
لكن رغم ذلك هناك من ينتقد وحتى من يعطي الدروس .
الديمقراطية في ايران كان خيارا بعد ثورة 1979 لكنها ديمقراطية محمية من الثورة ذاتها لان الاعداء دائما متربصون ومتحفزون لاصطياد الفرص .
هذا الامر حصل في هذه الانتخابات حيث تم التركيز على ما اعتبر نسبة اقبال ضعيفة وهو حكم نسبي فالحالة التي تمر بها جل دول العالم ونقصد جائحة كورونا هي سبب رئيسي لهذا وقد رأينا نسبة التصويت في الانتخابات الجزائرية .
لكن رغم هذا فان الرهان في هذه الانتخابات كان على ان تكون نسبة المشاركة محترمة ومقبولة لعدم فتح الباب لم يريدون الدخول من هذا الامر.
نعود لما اعتبرناه ديمقراطية مخصوصة في ايران وهو مصطلح يقصد به عدم نسخ المثال الغربي تماما.
فهي ديمقراطية الصندوق والاختيار للشعب لكن هناك ثوابت لا بد ان تبقى محمية ولا يمكن تعريضها للخطر وهي مبادئ الثورة وخاصة .
النتائج اعطت فوزا جاء سهلا وسلسا للمرشح المحافظ ابراهيم رئيسي وهو شخصية لها تاريخ طويل في المناصب والمواقع المهمة وهي ايضا مقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي ومن الحرس الثوري .
هذا الأمر مهم لان ايران اليوم في حاجة الى توحيد الكلمة وهي تخوض اصعب مفاوضات حول ملفها النووي ورفع العقوبات التي ارهقتها اقتصاديا بعد ان نكث الرئيس الامريكي الاسبق ترامب الوعود وتراجع عما امضت عليه بلاده والتزمت به.
دون الدخول في تفاصيل المفاوضات والمطالب الايرانية فان ما يعنينا هنا لنفهمه هو ان رئيسي سيتولى مهامه في فترة حساسة جدا ومفصلية وسيكون خلالها مطالبا بالفصل في ملفين جوهريين بل ومصيرين هما الملف الاقتصادي والملف النووي وبينهما علاقة لا يمكن انكارها.
فالعقوبات التي هي جائرة اثرت بشكل كبير على الاقتصاد الايراني بل ان طهران واجهت اقسى المراحل في فترة حكم ترامب لكنها رغم ذلك لم تتراجع او تتخلى عن المبادئ .
رئيسي مطالب ايضا بان يعيد الفترات الزاهية للمواطن الايراني ونقصد انعاش الاقتصاد وتحقيق الرفاهية للمواطن وهذا امر ممكن لان هذا البلد قادر على ذلك بما يمتلكه من امكانيات كبيرة وطاقة بشرية وثروات حباها الله بها .
السؤال الآخر الذي يطرح هنا:
هل اختيار الشعب الايراني لشخصية محافظة له دلالاته ورمزيته؟
بالتأكيد له ذلك .
فهو مؤشر كون هناك انسجام بين المنظومة والقاعدة حول التمسك بالمبادئ وان انعاش الاقتصاد لا يجب ان يكون على حساب التخلي عنها او حتى على جزء منها.
محمد عبد المؤمن