بكل جرأة: أزمة حقيقية داخل النهضة فلماذا الانكار

قد يبدو للبعض ان ازمة حصلت داخل النهضة بسبب نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها أي وكأن الامر كان غير متوقع ومفاجئ.

قد يكون ما حصل مفاجئا لا من ناحية تقلص الخزان الانتخابي للحركة فقط بل لان هذا الحزب بنى كل توقعاته بفائض من الثقة الزائدة عن حدها وهذا ظهر في خطابات قياداتها ورئيسها نفسه عندما تم ترشيح عبد الفتاح مورو للرئاسة حيث قال كون النهضة اختارت للتونسيين افضل ما عندها شخصية كونتها على مدى خمسين عاما.

خطابات اخرى من قيادات كان مضمونها الثقة شبه المطلقة كون مرشحهم سينتقل الى الدور الثاني بسهولة.

لكن رغم كل هذا فان المشكلة تتجاوز مجرد فشل مرشح في انتخابات فأي حزب وارد ان يحصل له هذا ويتعرض لنكسة بمعنى ان المعضلة اعمق من اخفاق لننتقل الى مأزق حقيقي تمر به حركة النهضة .

هذا المأزق له بعدان الاول هيكلي تنظيمي والثاني فكري .

بالنسبة للمستوى الاول فالنهضة ورغم ما تمتلكه من مؤسسات وهياكل تعكس ديمقراطية داخلية في الحزب الا ان الواقع خلاف هذا تماما فالنهضة الى الان ترفض ان تكون حزبا وتصر على ان تبقى حركة محورها الشيخ وكاريزما الشيخ الذي يفرض مواقفه بدعم من قلة راديكالية لم تستوعب بعد التغيرات التي حصلت في تونس .

هذا الوضع لا علاقة له بالتقييم الايديولوجي او الاحكام المسبقة بل هو وصف لما هو موجود أي كيف تستوعب النهضة خلافاتها وتناقضاتها الداخلية وتقر انها فعلا تعيش ازمة ولا داعي للمكابرة والاصرار ان كل نقد هو تهجم عليها .

داخل نفس هذا المستوى هناك اشكال آخر وهو عدم القدرة على هضم الاختلافات وبقيت النهضة تنظر للتونسيين كونهم نوعان نهضويين وغير نهضويين وهي ثنائيات خطيرة عليها قبل ان تكون على غيرها.

بالنسبة للمستوى الثاني والذي يمكن أن نصنفه كونه فكري يتعلق بأدبيات النهضة في حد ذاتها أي ان الحركة وخاصة خلال المؤتمر العاشر اقرت بالمدنية بالنسبة للدولة لكن حقيقة الوضع انها لم تفعلها او لم تنجح في تفعيلها داخلها فهي فسيفساء في قواعدها وقيادتها بين اخوان وسلفيين .

معضلة النهضة لا تقف عند القيادات فقط بل الاكثر في قواعدها التي ترفض الاخر وتقيمه وفق منا او ليس منا أي من لم يكن نهضويا فلا يدخلن علينا.

محمد عبد المؤمن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى