الغاء “الورقة بوخمسين” : حان الوقت لضرب المهربين و المحتكرين ومن يبيضون الأموال
تونس الجرأة التونسية:
وفق الارقام الرسمية فان التهريب والتجارة الموازية يلتهم 50 بالمائة من الاقتصاد الرسمي على الاقل.
هذا الرقم رغم خطورته الا انه ليس دقيقا بالمرة فهو يعود الى ثلاث او اربع سنوا خلت والنسبة بالتأكيد تزايدت وتصاعدت باعتبار انه لم تتخذ الى الان اجراءات عملية فعلية للحد من هذه الافة.
بعض الخبراء باتوا يتحدثون عن 60 بالمائة فاكثر وهو امر مفزع.
اهم ما يضر بالاقتصاد هو تلك “الماكينة” من السيولة المالية التي تتحرك خارج الاطر الرسمية ومنها يتم غسيل الاموال وتبييضها وايضا تمويل السلع المهربة وعندما نقول مهربة فليس بالضرورة انها تمر عبر الحدود بلى قد تمر وفق صفقات تحت الطاولة من الموانئ ان لم نقل المطارات.
موارد الدولة تتبخر
علينا هنا ان نركز على امر هام وهو ان الحديث الكثير عن الفساد وحرب ضد الفساد استهلك وبلي حتى دخل في الروتين والعادي أي ان الفساد دخل في العادي وهو اخطر من الفساد ذاته .
بالتالي فالفساد الذي نواجهه ليس مجرد تجاوزات بل تحول إلى سيطرة على مجالات الدولة وقوتها وأهمها الموارد فالدولة في مفهومها الكلاسيكي هي موارد قبل كل شيء وإذا عجزت الدولة على السيطرة على مواردها أو جزء منها فإن ذلك يعني أنها في حالة ضعف وهي الحالة التي تحصل اليوم.
السؤال هنا: هل ان الاقتصاد الموازي قوي بمعنى انه بات يواجه الدولة ويلعب في منطقتها؟
بالفعل هذا ما يحصل بل لا نبالغ ان قلنا كونه بات دولة داخل الدولة وما قاله في عديد المرات رئيس الجمهورية قيس سعيد قبل 25 جويلية وبعدها حول تحول مسالك التوزيع الى مسالك تجويع هو عين الحقيقة.
اي ان الفساد دخل المنطقة الحمراء وتربع.
فالوضع هو ان الاقتصاد الموازي بات يسيطر على نسبة كبيرة وهامة من العملة الصعبة وهناك المليارات يتم تداولها يوميا خارج النطاق الرسمي وللأسف الأمكنة معروفة ان كان في بنقردان حيث تنتشر محلات الصرافة التي تحولت إلى ما يشبه البنوك أو كنقاط صرف معلومة في العاصمة او حتى في مناطق أخرى.
تكفي هنا جولة في منطقة باب بحر ونهج باب جزيرة لنرى بأم العين ما يحصل فتغيير العملة يحصل جهارا نهارا وبمبالغ كبيرة اما دكاكين بنقردان فامر آخر .
هذه التداولات لا يمكن قياس حجمها إلا بالمليارات ما يعني أنها موارد “تفتك” من الدولة لينضاف إلى ذلك كونها تستغل في إدخال سلع غير مراقبة اي ان المعضلة تصبح مضاعفة إهدار للعملة الصعبة وتهرب ضريبي .
وأيضا ضرب للمنتوج الوطني والمؤسسات التونسية.
بل وهناك خشية من استغلالها في تمويل اعمال مشبوهة بما في ذلك الارهاب والرشاوى للسيطرة على السياسة.
ورغم بعث مكاتب للصرافة الا ان المعضلة لم تحل بشكل جذري .
تغيير العملة
بالنسبة للمهربين وتجار العملة فإن للعمل وسائل ومنها عدم استخدام البنوك او التعاملات الرسمية اي كل العمليات تتم يد بيد وهو ما يجعل مراقبتها صعبة ان لم تكن مستحيلة .
والوسيلة الاهم عندهم هي الاعتماد على الأوراق النقدية من فئة 50 دينارا والتي تعتبر معشوقة المهربين .
من هنا لم يعد من حل لاستعادة الدولة لسيادتها وسيطرتها على هذا المجال سوى خيار تبديل العملة اي صك عملة جديدة وإعطاء مهلة قصيرة للتغيير وبذلك فإن من يكنزون الأموال خارج الأطر الرسمية سيضطرون لإخراجها بالتالي تسجيلها أي سيتم صيدهم بسهولة .
هذا الحل دعا اليه عديد الخبراء في الاقتصاد لأنه كفيل بإجبار المهربين ومن يحركون اموالهم وسيولتهم خارج المجال الرسمي ودون مراقبة الدولة على اخراجها واظهارها لانهم لن يستطيعوا تغييرها الا في البنوك.
الحل الثاني لهذه المعضلة هو رفع السر البنكي وطبعا هذا يكون بإذن قضائي لكن الوقت مهم هنا لذلك لا بد من قاض خاص بهذا الاجراء ليعطي الاذن القانوني بسرعة قبل اخفاء المهربين لمعالم الجريمة