الفساد في الصفقات العمومية للبنية التحتية سبب ما نراه كلما هطلت الامطار…ربع ما يخصص لها يذهب لجيوب الفاسدين

 

ما نراه اليوم من وضع كارثي في اغلب المدن التي شهدت نزولا غزيرا للأمطار ليس بسبب الطبيعة او لان كميات الأمطار كانت قياسية بل ما شهدته بلادنا من غيث هو عادي في مثل هذه الفترة من السنة.

المشكلة الحقيقية في تردي البنية التحتية والمرتبط هو الاخر بهشاشتها بسبب سوء انجازها وعدم مطابقة كراس الشروط الذي تضعه وزارة التجهيز.

ما يتم تناقله من صور هو جزء فقط لان المشاهد مهما كانت مؤلمة فهي تعكس جزءا من الواقع والحقيقة لكن الاغرب من ذلك هو انه مع كل “مطرة” تحصل الكارثة ويمر الامر فلا يحاسب احد ولا يدقق في أي ملف ولا يساءل أي مقاول او مشرف على الانجاز من الوزارة.

علينا اولا ان نفهم كيف يتم الفساد في الصفقات العمومية وما علاقة ذلك بتردي البنية التحتية من طرقات ومجاري صرف مياه وجسور

فقد أكدت تقارير وطنية واخرى صادرة عن منظمة الشفافية الدولية كون قطاع الصفقات العمومية في تونس بات اكبر وأوسع مجال للفساد والتجاوزات وتحقيق الاثراء غير المشروع .

ويشير التقرير كون الدولة  تدفع سنويا في اطار الصفقات العمومية بعد اجراء مناقصات لاختيار العرض الأفضل والأقل ما قيمته 10مليار دينار توجه للمشاريع العمومية والتزود بحاجيات الوزارات ومؤسسات عامة وهذا يشمل كل شيء أي ان كل تزد في ادارة عامة او احدى اجهزة الدولة او مؤسساتها لا بد ان يمر بصفقة عمومية وفق القانون.

 

فساد كبير

 

في هذا الصدد تؤكد تقارير ومنها تقرير منظمة الشفافية الدولية وأيضا ما اكدته هيئة مكافحة الفساد بان 25بالمائة مما يخصص للصفقات العمومية يضيع ويتبخر.

وهو ما يعني أن 2مليار  و500 مليون دينار تذهب في الجيوب والحسابات لأشخاص ميزتهم الوحيدة هي أنهم وضعوا في اماكن حساسة ومنها لجان الفرز والاختيار في خصوص مناقصات الصفقات العمومية.

وفق التقريرفان الدولة تخسر سنويا جراء الفساد في الصفقات العمومية التي تمثل قيمتها 18بالمائة من الناتج المحلي الخام و35بالمائة من ميزانية الدولة نقطتان نموا اي اكثر من 30ألف موطن شغل سنويا والسبب ان بضعة اشخاص يتمعشون من الصفقات العمومية وتحولوا الى اثرياء واصحاب مليارات لكنهم في مأمن أي ان الخوف من العقاب غير مطروح لديهم.

 

الفساد في المناقصات

 

مجال الصفقات العمومية مرتبط وفق القانون بالمناقصات اي ان تقدم الدولة عبر مرافقها العمومية عروضا او طلب عروض فتتقدم المؤسسات الخاصة والاشخاص حسب الاختصاص للمشاركة فيها عبر تقديم عروض سرية او بالأصح هكذا توصف على ان تتولى لجنة معينة ومحلفة وتوصف كون اياديها بيضاء باختيار العرض الانسب وفق قيمة العرض ومدى التزامه بكراس الشروط وايضا باحتساب العامل المادي اي العرض الاقل كلفة .

اما ما يحصل في الكواليس فهو شيء آخر ونعني في هذه اللجنة حيث انها تجتمع قبل الاجتماع الرسمي فتفتح الظروف ويتم الاطلاع عليها ويقصى من يقصى ويدفع ما يدفع بمعنى آخر تجري صفقات على الصفقات الحقيقية والمقياس هو من يدفع لا الافضل والاجدر.

الاشكال لا يقف هنا بل يتواصل لتأتي الكارثة فالحصول على الصفقة يتم بطريقة ملتوية أي أن التنفيذ هو الاخر يكون غير جدي فمن سيكلف بانجاز المشروع يدرك كون من هو مطالب بمراقبته تحصل على نصيبه من الكعكة بالتالي فلن يراقبه الا صوريا والنتيجة طرقات وجسور تتشقق وتمتلئ بالحفر بعد اسابيع قليلة من انجازها وبنية تحتية لا تصمد امام 5خمس دقائق من الامطار.

محمد عبد المؤمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!