دردشة / يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة ما ينتظر من الحكومة إن كتب لها أن تتشكل

كتب الطاهر بوسمة :

نحن في انتظار تشكيل حكومتنا بعد الانتخابات العامة التي جرت في بداية أكتوبر الماضي، ولم يفز فيها أي حزب بأغلبية تسمح له بتشكيلها وحده، أو بتحالف مريح كما أوجبه الدستور.

كان السبب في ذلك فساد النظام الانتخابي الذي طالما انتقدناه، ولكنه بقي يتحدانا.

كان من المتجه هذه المرة تشكيل حكومة بموجب الفقرة الأولى من الفصل 89 من الدستور الذي يمنح الأولوية للحزب الفائز بأكبر عدد من النواب. وكانت النهضة هذه المرة هي التي فازت بذلك الوقع، لكن 52 نائبا لن تنفع.

لذلك فقد فشلت التجربة الأولى بالرغم من التنازلات التي قدمتها النهضة لأحزاب متنوعة الاتجاه والمقصد.

لقد اختارت النهضة شخصية شبه مستقلة، وتنازل الحبيب الجملي، للأحزاب التي عبرت عن قبولها بالدخول معه في التشكيلة بدون فائدة.

لم تنل تلك الحكومة المركبة من 42 وزير وكتب دولة لما تقدمت لمجلس نواب الشعب الثقة، وفشلت فشلا ذريعا، وبات الأمر في حكم الفقرة الثانية من الفصل 89من الدستور الذي يحيل المهمة لرئيس الجمهورية الذي له ان يختار الشخصية التي يراها الأقدر بعد استشارة الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية.

أما ونحن الان في هذه الوضعية التي اختار فيها رئيس الجمهورية شخصية مستقلة نسبيًا، تم تقديمها له من بعض الأحزاب، وبدا من وقتها ذلك المكلف بالمهمة يسعى للحصول على ما يكفيه من الأصوات لتمر بها حكومته في المجلس، ويضمن لها حزاما مريحًا من النواب، يمكنه على الأقل من اتمام إرساء المؤسسات الدستورية التي يشترط فيها أغلبية الثلثان، وخاصة المحكمة الدستورية.

وبذلك الإجراء المعقد باتت تونس من يوم 6 أكتوبر سنة 2019 تسيير بحكومة تصريف أعمال مشلولة بعدما خرج منها عدد من الوزراء، فضلوا الترشح في الانتخابات التشريعية التي تمنع الجمع بين الصفتين، وبات البعض منهم نوابا.

قد ينجح رئيس الحكومة المكلف السيد اليأس الفخفاخ هذه المرة في الحصول على ثقة مجلس النواب،

غير أنه لو فشل أو تعذر عليه الوصول إلى نتيجة، فسوف يرجع الأمر لرئيس الجمهورية، الذي له إن أراد، تطبيق الفقرة الثالثة من الفصل 89 من الدستور، والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها، لتبقى تونس عندها مشلولة لمدة أخرى لا تتحملها المرحلة، خاصة وليس لنا هيئة انتخابات جاهزة.

ولكننا لنقرأ الخير، ونقدر انه في هذه المرة ستنال حكومة الفخفاخ الثقة بعد ان يشكلها من احزاب شتى ومختلفة في الاتجاه، متباعدة في الأهداف، أو خائفة من اعادة الانتخابات وخسارتها فيها، بعدما كانت كسبت مقاعدها تلك بالصدفة.

عندها يتجه على الحكومة الجديدة أن تضع في حسابها ما تترقبه منها تونس، وقد باتت أغلب المؤشرات فيها تشتعل بالأحمر.

وأقول بالمناسبة كان على الحكومة المقبلة ان تبدأ بتقديم مشروع قانون لمجلس النواب يقضي بإعادة النظر في النظام الانتخابي تعتمد فيه طريقة التصويت على الأفراد عوض القائمة والنسبية، وفرض العتبة، وإلزام من لم يحصل على الأغلبية المطلقة فيها بالمرور لدورة ثانية تؤكد أحقيته في التمثيل والمشاركة في سن القوانين باسم الشعب، ثم تنهي تشكل كل المؤسسات الدستورية الأخرى وعلى رأسها المحكمة الدستورية.

لقد أصبحت تونس في وضع انتظار وترقب، ولم تقدر كل الحكومات التي تعهدت بالحكم بعد الثورة على إتمام ما كان منها مطلوبا، بسبب التجاذب والسياحة الحزبية والبرلمانية وهو ما حال دون اهتمامها بالقضايا المصيرية المعطلة للتنمية والتقدم.

لذا سأكتفي بهذه الملاحظات على ان أترك المزيد لما بعد، إذا تحققت المعجزة هذه المرة وكل انتخابات وتونس بخير.

                                          تونس في 11 فيفري 2020   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!