كتب محمد الرصافي المقداد /عندما تسقط ألمانيا في شراك الصهيونية

بقلم: محمد الرصافي المقداد

 لم يعد عجبا أن تظهر الدول الغربية، بعض حقائق ما تخفيه من نوايا، داخلة بطبعها في عقيدتها المعادية لكل ما يرمز للإسلام محمديّ، وهي التي انضمت طوعا الى جبهة، اعتبرت ايران ومشاريعها الاسلامية، في المقاومة والتحرر من الاستكبار والصهيونية، عامل إعاقة لأطماعها في الإستغلال والسيطرة على الشعوب المستضعفة ( شعوب العالم الثالث).

لم تكن ألمانيا بأحسن حال من فرنسا، ولم يفاجئنا هجوم أجهزتها الامنية والاستخبارية الأخير، على اربعة مراكز اسلامية، هي : (جمعية الإرشاد الإسلامية في برلين ومركز الإمام المهدي في مونستر، ومسجد المصطفى في بريمن، ومركز للمهاجرين اللبنانيين في دورتموند غرب ألمانيا) مع عشرات الشقق السكنية لمواطنين لبنانيين من حملة الجنسية الألمانية، تعتقد أن تلك المراكز وافراد ادارتها، على صلة بحزب الله اللبناني، بالتزامن مع قرار مستعجل، يحظر كافة انشطته في ألمانيا، على خلفية تصنيفه لديها منظمة ارهابية، إجراء وقرار سعت اليه أمريكا والكيان الصهيوني، ليصدره الطرف الألماني طوال السنوات الفارطة، ونجح مسعاهما أخيرا في اقناع أو اجبار السلطات الالمانية على تنفيذه.

وبناء على ذلك فإن هذا القرار الصادر أمس الخميس سيعرّض كل من يدينه القضاء الألماني بالتعامل مع حزب الله، أو له صلة نشاط به في ألمانيا، الى العقوبة بالسجن، أو بالغرامة، أو بكليهما، ويبدو مسعى الأمن الألماني من خلال مداهماته الحصول على أدلّ تثبت العلاقة وتقتنص الأدلّة من المواقع المُداهَمة، لإثبات تهمة العلاقة في دعم شبكة الارهاب الدولية، كجمع التّبرعات، وجذب الأنصار، وتقديم خدمات أخرى، ومع أن هذه الجمعيات والمراكز والمساجد، كانت خاضعة منذ سنوات للمراقبة، ورصد نشاطاتها وتحركات روّادها، من طرف السلطات المختصة الالمانية، الا أن القرار المتخذ أخيرا، وجنّدت له الحكومة الألمانية قوات كبيرة، بمدرعاتها وكلابها، لا يبدو مستقلا دون أن تكون البصمة الامريكية والصهيونية حاضرة فيه.

 

وزارة الداخلية الألمانية بررت عملها العدواني، في بيان قالت فيه: ان أنشطة حزب الله تنتهك القانون الجنائي، وتعارض المنظمة مبدأ التفاهم الدولي، حيث أن حزب الله يدعو إلى القضاء بالوسائل العنيفة على دولة إسرائيل ويرفض حقها في الوجود، وأن القرار المتّخذ، يعني حظر رموز حزب الله في التجمعات أو المنشورات أو وسائل الإعلام، وإمكانية مصادرة أصوله.

الكيان الصهيوني لم يتأخر في التعبير عن غبطته بما حصل فقد صرّح وزير خارجيته كاتس:  إنه قرار مهم جداً، وخطوة قيمة كبيرة، في الحرب العالمية ضد الإرهاب، ورحب سفير الولايات المتحدة السابق في ألمانيا، والمدير العام بوكالة الاستخبارات القومية الأمريكية، ريتشارد غرينيل، بدوره بالقرار الألماني قائلا: لا يجب السماح لحزب الله باستخدام أوروبا، ملجأ لدعم الإرهاب في سوريا والشرق الأوسط كاملاً، ودعا الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير مماثلة وحظر حزب الله بأكمله.

 

وجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد صنف الجناح العسكري لحزب الله جماعة إرهابية دون جناحه السياسي، ولم تتأخر بريطانيا عن اتخاذ نفس القرار فقامت بتصنيفه في فيفري من العام الماضي منظمة ارهابية، هذا وقد أشادت منظمات يهودية بالخطوة الألمانية، ووصفتها بأنها قرار في غاية الأهمية، وصرّح ديفيد هاريس رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية، أنّ هذا قرار مهم من جانب ألمانيا، طال انتظاره وجدير بالترحيب، ويبدو أن القرار الألماني على علاقة بإسكات الأصوات التي ارتفعت في السنوات الفارطة وسترتفع في هذه السنة بمناسبة احياء يوم القدس العالمي بعد اسبوعين، لما يشكله الحدث من عامل توعية للمواطنين الالمان خاصة وللأوروبيين عامة، في اظهار القضية الفلسطينية كمظلمة دولية تشترك فيها انظمة العالم بما فيها المانيا.

لكن الى أي مدى تريد الدول الغربية الوصول اليه في تعاملها المعادي لحقوق الشعوب، والاستهانة بخياراتها الداخلية على المستويين السياسي والحقوقي، أما آن لهذه الدّول أن تتحرر من هيمنة اللوبي الصهيوني، وتعبر بحرية عن استقلالها في قراراتها السيادية، لا اعتقد أن هذه الحالة من الانصياع لرغبات امريكا وربيبتها الخرقاء اسرائيل ستنتهي، دون أن بذوق هؤلاء بأس ما جنوه بحق المظلومين وما أكثرهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!