50 % فقط نسبة تغطية خزينة الدولة نفقات التصرف

تبرز البيانات الاحصائية المالية للبنك المركزي التونسي المنشورة اليوم الجمعة 21 فيفري 2020 ان حاصل الحساب الجاري للخزينة يناهز 472 مليون دينار، وان قيمة الموجودات من العملة الاجنبية هي في حدود 19437 مليون دينار (112 يوم توريد) مما يغُطي 50.5 %، فحسب، من نفقات التصرف في شؤون البلاد – دون اعتبار مصاريف التجهيز والتنمية – المدرجة بميزانية العام الحالي والتي تشمل الاجور والتسيير الاداري والتدخلات والتحويلات الاجتماعية (23583 مليون دينار) والدعم (4180 مليون دينار) وخدمة الدين العمومي (11678 مليون دينار) مما يساوي اجمالا 39441 مليون دينار.
وتفيد، في ذات السياق، معطيات مؤسسة “التونسية للمقاصة” وهي المودع المركزي للأوراق المالية والمتصرف في منظومة الدفع والتسليم في تونس والتي ينظم عملها القانون 117/1994 ان قروض المؤسسات المالية التي ضخت في خزينة الدولة الى موفى ديسمبر الماضي تبلغ 13777.4 مليون دينار. وتبين المعطيات ان مبلغ الاكتتابات اي بالأحرى الاقتراض هي في شكل رقاع خزينة قصيرة المدى (436.2 مليون دينار) ورقاع خزينة قابلة للتنظير لإمكانية تداولها بالبورصة (13341.2 مليون دينار). وتصل نسب فوائد الاقراض، على هذا المستوى، الى 7.5%.
وتحيل جملة هذه المؤشرات الى مفارقة منهجية يتطلب فهم ابعادها تحليلا دقيقا، اذ ان الاستنتاج الاول الذي يمكن الوصول اليه يتمثل في ان المؤسسات المالية قد اصبحت تخصص قسما جد مهم من تمويلاتها للدولة وذلك بالبداهة على حساب دورها الطبيعي المتمثل في تمويل المشآت الاقتصادية والاستهلاك.
كما ان ارتفاع نسب الفوائد يعني تحول طابع العملية الى طابع ربحي بحت علما ان ضخامة مبلغ الاقراض تفيد باستهلاك شبه كامل لسيولة المؤسسات المالية والتي غدت منذ فترة تعاني من نقص في هذا الخصوص يساوي، في الظرف الراهن، وفي المعدل اليومي 12 مليار دينار يتكفل بالتدخل لتوفيرها البنك المركزي. وهي مسالة تساهم بفعالية في التضخم النقدي وتشكل بالتالي السبب الرئيسي لارتفاع الاسعار في البلاد.
اما الاستنتاج الثاني  فهو ان الحكومة تدير الخزينة دون اعتبار ضرورة تكوين مدخرات قابلة للتداول على اساس انه لا صلة له بتقييم مخاطر التسيير العادي لمرافق الدولة من خلال سياسية كمية معيارية لمجابهة النفقات العامة. ومن المؤسف ان الدولة اصبحت تلجأ أليا الى عدم خلاص ديونها للمقاولين مثلا والذي تسبب حرمانهم من مستحقاتهم البالغة قيمتها 766 مليون دينار، حسب افادة ادلت بها مؤخرا وزارة المالية في توجههم حتما الى غلق مشاريعهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى