إسرائيل تحرّض على الجزائر وتتمنى أن تعود الى السنوات السوداء

رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، تسفي بارئيل، مُحلّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، رأى أنّ عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين تجمعوا بالعاصمة الجزائرية وفي العديد من المدن الأخرى في الأسابيع الثلاثة الماضية يثيرون بطبيعة الحال مسألة ما إذا كانت الدولة التي تمكّنت من الإفلات من ثورات الربيع العربي في عام 2011 على شفا الثورة، والسبب المباشر للمظاهرات هذه المرة هو إعلان الحزب الحاكم بأنّ الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة سيخوض الانتخابات لولايةٍ خامسةٍ.

وزعم، اعتمادًا على مصادره في المؤسستين الأمنيّة والسياسيّة بتل أبيب، زعم أنّ الانتخابات في الجزائر بعيدةً كلّ البعد عن الحريّة، ولا يزال بوتفليقة، 82 عامًا، مدعومًا من الجيش وأجهزة الاستخبارات، التي انضمت إليها النخبة المالكة للبلاد (ما يسمى كارتل الفضة)، لذا فقد يفوز في الانتخابات ويستمر لفترة أخرى. الادعاء المعلن من خصومه هو أن صحّة الرئيس وعمره، تُختّم عليه الاعتزال، لكن مراكز القوّة في الجيش، الذين يفهمون بعضهم ويتعاطفون مع الحركات الاحتجاجية، يخافون ممّا سيأتي في اليوم التالي.

ولفت إلى أنّ الذاكرة الجماعية الفظيعة في أوائل التسعينات تتجلّى من جديد، الجيش الذي أصيب بالرعب من احتمال وقوع الدولة في أيدي المتطرفين الإسلاميين، ألغى الانتخابات العامة عام 1991 وعيّن حكومة باسمه. بدأ ذلك العام “العقد الأسود”، الذي حدث في الحرب الأهلية، والتي أودت بحياة حوالي 200 ألف شخص.

وأردف المُستشرِق الإسرائيليّ قائلاً إنّه بعد 8 أعوامٍ، عاد بوتفليقة، وتمّ انتخابه بأغلبيّةٍ كبيرةٍ وصلت إلى 74 بالمائة، وكان إنجازه العظيم هو إقامة حوارٍ وطنيٍّ اقترح فيه على جميع الأطراف أنْ تنسى الماضي وأنْ تبني المستقبل معا، وتمّ العفو عن قادة الحركات الإسلاميّة، وعاد بعضهم إلى النشاط السياسي، وتعافى الاقتصاد عندما اعتمد على ارتفاع أسعار النفط، واستثمرت الحكومة في البنية التحتية وأحيت الصادرات إلى أوروبا، التي تشتري نحو ثلث استهلاكها من الغاز من الجزائر.

لكن، أضاف بارئيل، أعطى بوتفليقة للبلاد عرضًا رائعًا للعالم: فقد أقام علاقات مع الدول الغربيّة، ورسم الاستثمارات الأجنبية، وأعطى النخبة الحريّة في العمل كملاك، وبدا أنّ استقرار البلاد وإدارة الاقتصاد ناجحة، لكنّ الاعتماد المطلق على النفط والغاز في سنواتٍ قليلةٍ كلّف الثمن الاقتصاديّ والسياسيّ المرتفع.

وتابع: مكّنت الخزائن الكاملة واحتياطيات النقد الأجنبيّ الكبيرة الحكومة من شراء الهدوء ودفع إعاناتٍ ماليّةٍ وخفض أسعار السلع الأساسية، وبالتالي مرّت الولاية بالعاصفة الربيعيّة في عام 2011، وتلقى المواطنون آلاف القروض بدون فوائد، وتمّ استيعاب عشرات الآلاف من المسؤولين والجنود والشرطة في الحكومة، وهكذا تمكّنت الأزواج الشباب من إيقاف كثبان الثورات التي هددت باختراق البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، قال المُحلّل بارئيل إنّه بعد ثلاث سنوات، في عام 2014، كانت هناك ضربة لانخفاض أسعار النفط. إذا كانت عائدات النفط الحكومية في عام 2007 تبلغ 74 مليار دولار، فقد انخفضت في عام 2017 إلى 24 مليار دولار، وبدأت البلاد تدخل في أزمةٍ اقتصاديّةٍ صعبةٍ، ناعتًا الاقتصاد بأنّه اقتصاد أزمة يتطلّب إصلاحات عميقة وسيطرة سياسية قوية تمكنهم من التنفيذ، على حدّ تعبيره.

وساق قائلاً إنّ النخب العسكريّة، السياسيّة والاقتصاديّة، والتعاون في تجميع كوبونات الأسمدة، لم تسمح بظهور قادةٍ يُمكِنهم تولّي دور الرئيس، فالشخص الذي تميّز كثيرًا وجد نفسه خارج دائرة صانعي القرار. وبمجرد أنْ كان رئيس المخابرات، محمد توفيق مدين، الذي أزيح من منصبه، وبمجرد أنْ كان سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، الذي تطلع لأنْ يكون رئيسًا، لكنّه كان قد أُنزِل لرتبة مستشار، ونتيجة لذلك، لم تقم الجزائر بتطوير بديلٍ حكوميٍّ مُناسبٍ، ولم يحل أيّ زعيمٍ قياديٍّ محل بوتفليقة.

وطبقًا لأقواله، فإنّ الطموح لإبقاء بوتفليقة لولايةٍ أخرى هو مصلحة مُشتركة للجيش والدول الأوروبيّة، خاصّةً لفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، التي تعتمد على الغاز والنفط من الجزائر وكونها جدارًا دفاعيًا أساسيًا يمنع تدفق اللاجئين من إفريقيا إلى أوروبا.

كما أنّ الجزائر التي تُحارِب منظماتٍ إرهابيّةٍ، تعمل أيضًا كحاجزٍ ضدّ تسلل منظمات مثل القاعدة في الخارج، لكن هذه الدول، أكّد المُستشرِق الإسرائيليّ، ليس لها تأثير يُذكَر على السياسة الداخليّة للجزائر، وتعتقد أنّ استمرار النظام الحالي هو أقصى قدر من الأمن لمواصلة السياسة الحاليّة.

ومع ذلك، اختتم المُحلّل الإسرائيليّ، سواءً قرر الرئيس تحدّي أغلبية الجمهور أوْ أعلن اعتزاله، وهي خطوة ستغرق البلاد في صراعٍ سياسيٍّ مهددٍ، فمن المتوقع أنْ تتحمل الجزائر موجةً عاصفةً من المظاهرات وأعمال الشغب التي ستُجبِر الجيش والشرطة على العمل بكامل قوتهما، على حدّ قوله.وكما نقل  مراسل “راي اليوم ” من الناصرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى