130 ألفا ينقطعون عن الدراسة سنويا : مهددون من عصابات المخدرات و” الحرقة” أو الانحراف
تونس – الجرأة الأسبوعية : محمد عبد المؤمن
من المفيد ان نشير اولا كون الحديث عن ظاهرة اطفال الشوارع في تونس لا يعني تمثيلها بما يحصل في دول اخرى أي الذين ليست لهم عائلات ومصيرهم الشارع والعصابات لتستغلهم في ترويج المخدرات او الاتجار بالبشر.
لكن ايضا لا يعني هذا التهوين من الامر.
وفق الارقام فان الظاهرة التي سنتحدث عنها باتت خطيرة اي اننا لم نعد نواه حالات محدودة بل تفش كبير لها .لكن هل هناك في تونس ظاهرة أطفال الشوارع ام ان الامر مبالغ فيه وهل لها علاقة بالانقطاع المبكر عن التعليم؟
وفق “اليونيسييف” فان ظاهرة اطفال الشوارع منتشرة كثيرا في اغلب بلدان العالم وهي مرتبطة بصورة مباشرة بالانقطاع المبكر عن الدراسة وصعوبة الاوضاع الاجتماعية اي الفقر والجهل ,وفق تقريرها دائما يوجد في العالم ما لا يقل عن مليون طفل مشرد وهذا الرقم قد لا يكون دقيقا باعتباره رسمي اي ان الواقع قد يكون اسوأ من ذلك بكثير
الظاهرة في تونس
هذه الظاهرة أي اطفال الشوارع في بلادنا مسكوت عنها بل هناك من ينكر وجودها اصلا ويرى طرحها نوعا من المبالغات غير الواقعية وتبريره لذلك كون طبيعة مجتمعنا الشرقي والعربي عائلية بالأساس لكن مع تغير ظروف العيش وانتشار الفقر والبطالة وتوسع نسبة الانقطاع المبكر عن التعليم صارت هذه الظاهرة تتوسع من عام الى آخر .
بالاعتماد على الارقام فان نسبة الانقطاع المبكر عن التعليم قبل خمس سنوات كانت في حدود 85 ألف سنويا لكنها في 2013 تجاوز الرقم المائة الف ليصل بعد ذلك الى 130 الف حالة انقطاع مبكر سنويا .
هذا الرقم مفزع وخطير والاخطر منه عدم ايلاء هذا الامر ما يتطلبه من اهتمام والتعامل معه وكانه امر عادي .
اسباب الوصول الى مثل هذا الرقم المرعب عديدة اهمها سوء وفشل المنظومة التعليمية وعدم القدرة على خلق مناخ ملائم لنجاح التلميذ وهذا يتعلق خاصة بالبرامج وضوارب المواد اضافة الى هذا هناك سبب آخر مهم وهو تدهور الجانب القيمي للتعليم وتكريس عقلية ربط التعلم بالشغل وكون البطالة تنتظر المتخرجين وهو ما خلق جيلا يعيش قطيعة مع التعليم كقيمة في حد ذاته.
تبعات خطيرة
العلاقة بين الانقطاع المبكر عن الدراسة وتفشي ظاهرة اطفال الشوارع ثابتة ومؤكدة وعندما نتحدث عن اطفال الشوارع نعني بهم من انقطعوا عن الدراسة في سن مبكرة وباتوا بلا شاغل يملأ اوقاتهم لينضاف الى هذا الانتماء الى عائلات معوزة وفقيرة بالتالي لا يكون هناك طريق الا الارتماء في الشارع . اي من يتركون عائلاتهم لاسباب اجتماعية واقتصاية في الغالب
بهذا المقياس فهي نوعان:
الاول هم الذين يقضون جل وقتهم في الشارع لكن في نهاية النهار هناك منزل وعائلة يؤوون اليها والنوع الثاني الاطفال الذين ينفصلون عن عائلاتهم كليا بسبب طردهم او عدم الرغبة في العيش في ظل تلك العائلة بسبب الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة.
هؤلاء الاطفال يتم استغلالهم من قبل اما عائلاتهم اي برميهم في معترك الحياة للعمل او من قبل مافيات تحترف التسول والتجارة الممنوعة مثل المخدرات.
استغلال الطفولة
باعتماد المشاهدة والمعاينة فان الكثير من الاطفال يتم استغلالهم في القيام بأعمال شاقة ومرهقة بل وحتى مخالفة للقانون مثل التسول والتجارة وغيرها.
من بين الاعمال التي صارت منتشرة بشكل كبير والتي تعكس تفشي هذه الظاهرة التسول باستخدام او توظيف الاطفال القصر وحتى الرضع وهذا يتم من قبل عائلاتهم وايضا من قبل مافيات تشكل عصابات تسول واسعة توفر لهم الحماية وتنظم انتشارهم بل وتمارس عليهم ضغوطا وتخويفا اي ان الجريمة تصبح مضاعفة استخدام الاطفال ومن ناحية اخرى ممارسة ارعابهم وتخويفهم من قبل هذه العصابات.
ممارسة التسول من قبل الاطفال يكون في اماكن مدروسة هي امام الجوامع وفي محطات ووسائل النقل اي الحافلات والمترو وايضا في الشوارع وامام المستشفيات والمصحات الخاصة .
النشاط الثاني الذي يعكس استغلال الاطفال يكون في التجارة والتي اما ان تكون بيع مواد بسيطة مثل المناديل الورقية والعلكة وهي اقرب منها للتسول من التجارة لكن الاخطر من هذا استغلال مراهقين في ترويج المخدرات .
الخطر على المراهقين المنقطعين عن الدراسة لا يقف عند هذا الحد بل يمتد الى احتمال بل وحدوث استقطاب لهم من قبل الجماعات المتشددة خاصة ان لم تكن هناك متابعة عائلية لهم وقضاء جل الوقت في الشارع مع الفقر وانعدام الوعي نتيجة المستوى التعليمي المتدني وأيضا فان هؤلاء الاطفال يمكن أن يكونوا عرضة للتحرشات الجنسية .