محمد الرصافي المقداد يكتب : صفقة القرن في نظر الرئيس قيس سعيد

بقلم: محمد الرصافي المقداد
كما كان منتظرا، لم يتاخر الرئيس قيس سعيد في الظهور بخطابه الاخير، الذي عبر فيه عن وفاء، بالتزامه الذي قطعه على نفسه، ليس اعتبار التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب خيانة عظمى فقط، بل تضمن فحوى كلامه على تخوين أي علاقة معه، ورغبة منه في ادراج ذلك كمشروع قانون، ينتظر عرضه على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه .
موقف وصفه بالمبدئي، الذي لا يمكن تغييره باي حال من الاحوال، وتحت أي ظرف كان، وهو في حد ذاته مطلب شعبي، نادت به طلائع الشباب، الذين قادوا الثورة على الظلم والاستبداد، طلبا للحرية التي حرموا منها طويلا، متشبثين باقراره قانونا، يجرم كل من ينخرط في مسار التطبيع، المدان دينيا ووطنيا.
ففي اول حوار له يوم الخميس 30 جانفي 2020 ، تحدث الرئيس قيس عن صفقة القرن، فوصفها بمظلمة القرن، معتبرا اياها خيانة وليست تطبيعا.
وقال: الفكر المنهزم لن يكون مقدمة للنصر، لن أتراجع عن ما قلته سابقا حول مفهوم التطبيع، الذي يعدّ مفهوما دخيلا، والقضية اليوم هي الكيان المغتصب الذي يجب أن ننهي أفعاله وتشريده للشعب الفلسطيني. وفيما حذر اولئك الذين مضوا في درب التعامل مع الكيان الصهيوني، بمختلف الاساليب والاعذار، بقوله: من يعتبر التطبيع حالة طبيعية مخطئ لأنها خيانة عظمى.
وعندما عرج على البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية، تعليقا على صفقة القرن الامريكية، اعتبره بيانا تقليديا، لا بعبر حقيقة عن موقف تونس المساند للقضية الفلسطينية، فهو بيان خاو من الموقف الايجابي، الذي يحتاجه الاشقاء الفلسطينيون، في مواجهة آخر المؤامرات ضدهم، وبذلك فان الخارجية اكتفت بنفس القوالب التي عادة ما تستعملها الدول العاجزة عن المساندة الحقيقية لقضية فلسطين. لم يتردد الرئيس قيس سعيّد في تعرية اختلالات بيان وزارة الخارجية، الذي أصدرته بالمناسبة، مبينا أنه تدخّل بنفسه لإصلاحه، معتبرا أنه في شكله الاول غير مقبول، ولا يعبر عن موقفه، ولا موقف الشعب التونسي، تأكيدا منه على ان ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 ، يختلف كثيرا عما قبلها خصوصا في استحقاقات سياسية خارجية هامة، على رأسها قضية فلسطين، كأنما لسان حاله يقول ان على وزارة الخارجية أن تغير من أسلوبها الباهت الفاقد للفاعلية والاثر، فيما تصدره من بيانات، تعبيرا منها على موقف الحكومة والشعب.
وبتأكيد الرئيس قيس سعيّد أنّ فلسطين ليست ضيعة أو بستانا، لتكون موضوع صفقة، والحق الفلسطيني لا يسقط بالتقادم، تتضح وجهة السياسة الخارجية التونسية، حيال القضية الفلسطينية، لتؤكد وجها متطابقا مع تضحيات ابنائها، الذين تطوع منهم ثلة مؤمنة بعدالة القضية، وارتقوا شهداء في سبيلها.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أنّه اقترح سنّ قانون خاصّ بالخيانة العظمى لمواجهة محاولات التطبيع، مقرّا أنّ الوضعية لا تحتاج إلى نص قانوني، لأنّ القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الشعب التونسي والعربي، وستتحرر يوما ما بكامل ترابها، وتعود مدينة القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين.
ثبات الرئيس قيس على موقفه المبدئي من القضية الفلسطينية، واستمراره عليه، انبنى على عقيدة راسخة في شخصه، ونابعة من قناعاته التي لا تقبل التغيير، ولا المساومة عليها، شانه في ذلك شأن غالبية الشعب التونسي، الذي واسى اخوانه الفلسطينيين، بكل ما قدر عليه، ولولا السياسات الخاطئة والمتآمرة السابقة، لزاد من منسوب تضحياته، من اجل انعتاق اشقائه، من أسوأ احتلال عرفه العصر الحديث. هكذا اذا، يتجدد وفاء تونس حكومة وشعبا للقضية الفلسطينية العادلة، وتتوضح سياستنا الخارجية في هذا الملف الشائك، بما يلزمنا قطعا، ان نكون من حيث المبدأ، مع محور مقاومة العدو الصهيوني، حتى انهاء وجوده على ارض فلسطين، وحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة.
شكرا سيدي الرئيس على موقفك الثابت، المعبر بحق عن موقف شعبك، ونأمل من الذين عارضوا تمرير مشروع قانون تجريم التطبيع، في مجلس نواب الشعب، ان لا يعيدوا الكرة مرة أخرى، بالوقوف في وجه ارادة الشعب، لانه لا يعبر الا عن خيانة للشعبين التونسي والفلسطيني، ويؤكد اصطفافا مدانا، وراء ارادة أمريكية غربية استعمارية، وهذا بحد ذاته يعتبر خيانة عظمى، كما عبر عن ذلك الرئيس قيس سعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!