دردشة يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة / للصفر قيمة اعتبارية

  كتب الطاهر بوسمة:

الصفر في الارقام لا يساوي شيئا، ولكنه بات عندنا اليوم في وباء (كورونا) كل شيء.

جاءتني الفكرة بعدما قرأت هذا الصباح بيان وزارة الصحة العمومية الذي نشرته ليلا تحت عنوان بارز بشرت به التونسيين وربما منظمة الصحة العالمية وجاء فيه: (لأول مرة منذ ظهور فيروس كورونا في تونس لم يتم تسجيل اية اصابة جديدة الاحد في الحصيلة اليومية لتطور الوضع الوبائي).

لا تهمني كثيرا خاصيات الصفر وما ادخله على الحساب عبر التاريخ. ولكن الخبر انعشني وادخل في نفسي اعتزازا وسرورا بما تحقق بفضل اطاراتنا الصحية الذاتية التي ابدعت وجنبت تونس كل التكهنات التشاؤمية التي لم يتحفظ أصحابها، وادخلت فينا الريبة والشك في اطاراتنا العلمية ومن قوة وعزيمة في رجالها ونسائها بالرغم من الامكانيات المتواضعة التي وجدوا أنفسهم فيها.

لقد حمدت الله على تكذيب أقوال كل من كانت نفوسهم مريضة أو من كان منهم حتى عن حسن نية أو من كان يغيظه ان تنجح تلك المجموعة، لا لسبب الا لانتماء وزيرها لحركة لا يريدها هو ولا يطيقها، ويتمنى التضحية برقم من التونسيين أحسن له من أن توفق تلك الجماعة في مهامها الانسانية.

أنا من طبعي لم أكن اميل للنقاش الغير مفيد، واتجنب الكتابة والدخول في معارك بيزنطية لا فائدة فيها، لأنها في تقديري تعود بِنَا لعصر الجاهلية التي أنهاها الاسلام وزادتها الانسانية والحضارة الكونية حصانة ومتانة.

لذلك امسكت هذه الايام عند الكتابة لأني رأيت القوم قد أفرطوا في اثارة أسباب الكره والحقد والعودة بنا لمًا قبل الثورة.

كنت أمني النفس بالعودة للجدية واعتبار تونس تتسع لنا جميعا وتسمح لنا بالتعايش حتى بدون تحالف أو تنافق، ولكن ذلك لا يكون الا باحترامنا للدستور والقانون واعتمادنا للديموقراطية كقاعدة اصلية، وتحكيم الصندوق فينا، والقبول بنتائجه مهما كانت، وكل اصلاح او تغيير لن يقع الا طبق ما يتم الاتفاق عليه وبالوسائل الدستورية.

انا اعرف بان المسار الذي وضعنا فيه، كان في غفلة منا جميعا، وكان ملغوما وبه مطبات عدة اجتهد في وضعها من نصبوا أنفسهم علينا وافتكوا منا المبادرة وربما بمساعدة قوى خفية،

ولكن ذلك بالممارسة واتمام المؤسسات الدستورية يمكن اصلاحه تدريجيا وبروح من المسؤولية والوطنية.

لقد خف التفاؤل ونقص مني، لأني رأيت القوم يسعون لإفساد التجربة كلها والعودة بتونس للماضي الذي لم يعد يصلح بالنظر للتطورات العالمية.

لذا وبهذه الدردشة الخفيفة اردت ان اتقدم بتهاني الخالصة للتونسيين الذين ضحوا بحريتهم والتزموا بالحجر الصحي وتخلوا عن مصالحهم الذاتية، ومنها عدم قيامهم بواجب التقرب الى الله باداء الصلاة الجماعية المكتوبة والمستحبة في شهر رمضان المبارك الذي مِنَّ فيه علينا رب العالمين بتجاوزنا لتلك المحنة بلطفه وكرمه والتي لم يسلم منها قرية او مدينة أو دولة غنية او فقيرة كبيرة كانت ام صغيرة.

وأختم كلامي هذا بتجديد تحياتي وتقديري لكل اطاراتنا المسؤولة عن صحتنا العمومية وكذلك اجهزة الدولة من رجال أمن وجيش وحماية مدنية واطارات اخرى كان لها الفضل بالسهر علينا في هذه الفترة الاستثنائية وكل عام وتونس بخير ونعمة والسلام.

                               تونس في 12 ماي 2010

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!