هذه هي الدول الرافضة لاجراءات قيس سعيد الاستثنائية

أكد رئيس مركز البحوث والدراسات من أجل اتحاد المغرب الكبير حبيب حسن اللولب، أن الجزائر قادرة على مساعدة تونس للخروج من أزمتها، بحكم الجوار وعلاقاتها المتميزة والجيدة ويهمهما الاستقرار في تونس وهي أمنها الإقليمي، مع كل من رئاسة الجمهورية، والأحزاب والمجتمع المدني، مثل ما فعلت سابقا في سنتي 2013 و2014، مع كل من الرئيس السابق محمد الباجي القايد السبسي والشيخ راشد الغنوشي ، في حوار مع صحفية الشروق الجزائرية .

وإعتبر أن المشهد السياسي في تونس معقد بسبب الأزمة المستفحلة، التي ساهمت فيها النخب التونسية بقصد أو عن غير قصد والتي استقطب البعض منها ووظف من قبل الثورة المضادة، لم ترافق التجربة السياسية وترشدها وتؤطرها، بل فخختها وفجرتها من الداخل، وبقيت متكلسة ولم تقم بمراجعات فكرية، ولم تتفاعل مع المشهد السياسي والانتقال الديمقراطي، ومشاغل ومشاكل التونسيين، وبقيت اقصائية، كل هذا تسبب في ترذيل الحياة السياسية والمشهد البرلماني، مما ساهم في تنفير الشعب من السياسيين والسياسة، وزاد الطين بلة إجراءات وقرارات الرئيس قيس سعيد معتمدا على الفصل 80 من الدستور التونسي يوم 25 جويلية 2021، التي عقدت المشهد السياسي وزادته ضبابية، واتسم بعدم وضوح الرؤية والمخرج، ولم تقدم إلى حد الساعة خارطة طريق ولا بديل، ولا مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي، والدولة التونسية في شلل تام، وفي أزمة حادة مستفحلة على كافة الجوانب (مالية وصحية واقتصادية وسياسية)، تهدد بالإفلاس وانهيار الدولة، ليس هنالك رئيس حكومة والعديد من الوزارات شاغرة من دون وزراء، والبرلمان مجمد ومقره مغلق، ودستور غائب لا وجود له، والشعب التونسي في صدمة وحيرة من أمره، في ظل غياب المحكمة الدستورية التي يمكن أن يحتكم إليها في تفسير القوانين الدستورية، وفي المشهد الآخر نجد رئيس الجمهورية قيس سعيد يرفض الحوار، مع الأحزاب والمجتمع المدني والمنظمات القومية، ويتولى زمام السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية).

هذا الوضع ساهم في تدخل المجتمع الدولي، والمطالب بالرجوع إلى الديمقراطية والشرعية، وتشكيل حكومة كفاءات، تتولى ملف المفاوضات مع المؤسسات الدولية المانحة، وتونس اليوم دخلت في سياسة المحاور، وقرارها السيادي أصبح مرتهنا للخارج، بين الحلف الإماراتي الفرنسي المصري والحلف الأمريكي الألماني التركي القطري، والتجربة والانتقال الديمقراطي في خطر، للأسف مستقبل تونس مظلم لا يبشر بخير، بسبب تصحر الساحة السياسية، والحل يتمثل في فتح حوار شامل على كافة المستويات، لحلحلة الأزمة مع الأحزاب والمجتمع المدني، والتوافق على تقييم التجربة السابقة، والاتفاق على تنقيح الدستور ومجلة الانتخابات وإحداث المحكمة الدستورية، وثم تحكيم الشعب التونسي بالذهاب إلى الاستفتاء، وانتخابات مبكرة، والعودة إلى الشرعية والمصالحة ومحاربة الفساد.

وأضاف أن موقع تونس الاستراتيجي بين أوروبا وإفريقيا، جعلها تساهم في تأثير كبير، على محيطها الإقليمي والدولي المضطرب، بسبب الإرهاب والهجرة السرية، وعدم استقرار ليبيا وبعض الدول الإفريقية، والقطبية، ولهذا تدخلت الدول الإقليمية والدولية في الأزمة السياسية التونسية، في حينها بين مؤيد ورافض، وانقسمت إلى محورين بين مؤيد لإجراءات السيد الرئيس الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021 وتفسيره للفصل 80، وتتزعمه كل من فرنسا والإمارات ومصر، وآخر رافض بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وتركيا وقطر وغيرها من الدول، وخاصة المحور الثاني معتدل مع المصالحة والتوافق والتعايش وبناء الدولة الديمقراطية، ممكن أن يلعب دورا مع الجزائر بالتدخل في حلحلة الأزمة السياسية، وتقريب المواقف والشروع في حوار بناء شفاف لا يقصي أحد، تنبثق عنه خارطة طريق، تبعد تونس المنطقة المغاربية والإفريقية، من خطر الفتنة والانقسام والإرهاب والمحاور، ومرافقة وترشيد التجربة السياسية التونسية والعودة إلى المسار الديمقراطي والشرعية.

وتابع : «الجزائر هي الشقيقة الكبرى لتونس، يمكن أن تلعب دورا كبيرا في حلحلة الأزمة السياسية التونسية، بحكم الجوار وعلاقاتها المتميزة والجيدة ويهمهما استقرار تونس وهي أمنها الإقليمي، مع كل من رئاسة الجمهورية، والأحزاب والمجتمع المدني، مثلما فعلت سابقا في سنتي 2013 و2014، مع كل من الرئيس السابق محمد الباجي القايد السبسي والشيخ راشد الغنوشي، وهذه الأزمة التي تعيشها اليوم كادت أن تقع فيها تونس سنة 2014، ولكن الجزائر تدخلت وهددت بغلق الحدود البرية (في حالة عدم التفاهم وعدم الجلوس إلى مائدة الحوار)، وصححت المسار، بالتوافق والتعايش، وإبعاد معارضي التجربة الديمقراطية، وتقديم المساعدات المالية من هبات وقروض وودائع، مما ساهم في استقرار التجربة التونسية.
ولكن اليوم في عهد الرئيس قيس سعيد، الجديد على المشهد السياسي، نجد له علاقات متميزة مع الجزائر واتصالات هاتفية مع الرئيس عبد المجيد بتون، وزيارتين لوزير الخارجية رمضان لعمامرة، حاملا معه رسائل من الرئيس تبون، أتمنى أن تؤثر هذه المساعي والجهود في قرارات الرئيس قيس سعيد وتعدل البوصلة بالدخول في الحوار والمصالحة، ما يبعد تونس والمنطقة المغاربية، على الانزلاقات وارتهان القرار السياسي والدخول في سياسة المحاور لا قدر الله.»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى