هذا هو الحل للتخفيض فاتورة «الستاغ»
أصبح التحكم في استهلاك الطاقة في شركة ما أو شبكة من المؤسسات أو داخل المنازل، للضغط على كلفة فواتير استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 30 بالمائة أو أكثر، ممكنا بفضل تقنيات ذكية للتصرف في الطاقة عن بُعد تعتمد على تطبيقات “إنترنات الأشياء” و”التعلم الآلي” والذكاء الاصطناعي.
نظام مراقبة
ففي تونس، قامت الشركة الناشئة “واتناو” المتخصصة في النجاعة الطاقية، بتطوير نظام لمراقبة استهلاك الطاقة يمكن للشركات والأفراد استخدامه عبر منصة سهلة النفاذ بفضل خوارزميات توفر المعلومات وكذلك التوصيات للتدخل عند الحاجة.
وتشق الشركة الفتية، التي لم يمض على إطلاقها سوى 5 سنوات وتشغل حاليا حوالي 30 موظفًا أغلبهم من المهندسين والمهندسات، طريقها، اليوم، نحو الأسواق الدولية مثل فرنسا والمغرب والولايات المتحدة الامريكية وبلجيكا، وقد افتتحت مؤخرا فرعا لها في مدينة تولوز الفرنسية.
أجهزة استشعار
وتتمثل التقنية، التي طورتها الشركة، في أجهزة استشعار ذكية تجمع البيانات المهمة أثناء استهلاك الطاقة وترسلها إلى لوحة معلومات تسمى “لوحة تحكم واتناو للطاقة” ، تباع اليوم في الاسواق الخارجية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإفريقية والخليجية، وفق عصام سماعلي، المدير التنفيذي ومؤسس شركة “واتناو” وأمير عاشوري، مهندس ومسؤول التسويق بالشركة.
في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، شرح المسؤولان أن لوحة المعلومات الافتراضية “تتيح النفاذ بسهولة إلى المعلومات، التي جمعتها أجهزة الاستشعار عن بُعد وطورتها مهارات تونسية، وتحلل، من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي، هذه المعلومات وتمكن من معرفة مؤشرات الأداء الرئيسية ومراقبة استهلاك الكهرباء كل ساعة وخلال الاسبوع وحتى خلال سنة”.
وقال أمير عاشوري، “هاته التقنية تمكن، أيضا، من استقبال إشعارات وتنبيهات عبر تطبيقات الهاتف الجوّال في حال وجود خلل ما أو هدر غير منطقي للطاقة وعبر رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصيّة القصيرة”.
اكتشاف الخطأ
ويعتقد عصام سماعلي من جانبه “أن كل إجراء للنجاعة الطاقية يجب أن يبدأ بفهم واكتشاف الخطأ في دورة استهلاك الطاقة وأن يكون هناك لوحة تحكم لمعرفة البيانات والتدخل في حالة الاستهلاك المفرط أو مشاكل الهدر”.
دون الكشف عن أسعار التكنولوجيا، التّي طورتها الشركة، أكد مسؤولوها أن أسعارها تنافسية وأن أسعار الصيانة منخفضة وكذلك تحقيق الربح من الاستثمار فيها سريعا.
“التطبيق، الذي يتابع الاستهلاك يمكن من الكشف عن الإشكالات ولا يكتفي بذلك بل يصلح الاخطاء وبالتالي يمنع الهدر ويمكن من تحقيق اقتصاد في الطاقة”، حسب أمير العاشوري.
ويمكن لكل مستهلكي الكهرباء من أسر وشركات ومؤسسات حكومية، خاصّة، استخدام هذا النظام “لكنه يناسب أكثر الصناعيين والمصانع سواء كانوا من كبار المستهلكين للطاقة مثل مصانع الاسمنت أو لا”.
وفي السوق المحلية، تتعامل الشركة، اليوم، مع العديد من الفضاءات التجارية والبنوك والبلديات ومشغلي شبكات الاتصالات ومع قطاعات مثل الصناعات الصيدلية وميكانيك الطائرات و شركات النفط والغاز والنسيج والتوزيع.
247 موقعا
وتمكنت، منذ إحداث الشركة، من تجهيز 247 موقعا وتركيب أكثر من 400 جهاز استشعار ذكي لفائدة خمسة قطاعات. “عموما، يمكن لأجهزة التصرف في الطاقة أن تقلص نسب إهدار الطاقة في البناءات الصناعية والادارية والتجارية، فقد أثبتت دراسات عالمية، على سبيل المثال، أن نسبة هدر الطاقة في البناءات التجارية يقدر بـ 30 بالمائة”.
ووفق السماعلي، يمكّن تعميم أجهزة التصرف في الطاقة عن بعد وبطرق ذكية من تحقيق أهداف النجاعة الطاقية والتخفيض في فواتير الكهرباء والاقتصاد في الطاقة بشكل فعال. ويمكن بالتالي تحقيق اقتصاد في الطاقة على الصعيد الوطني.
“في تونس، يوجد هامش كبير للاقتصاد في الطاقة شرط أن ننجح في توعية الناس بضرورة اعتماد ممارسات النجاعة الطاقية وفرض السلوكيات اللازمة لذلك”, وفق المسؤولين عن شركة “واتناو” الفتية.
على المستوى العالمي، قدر رقم معاملات أجهزة التصرف في الطاقة ب8،2 مليار دولار في 2020 ويمكن أن ترتفع هذه النسبة إلى 19،91 مليار دولار سنة 2026، حسب موقع “موردورانتاليجونس”.
مشروع واعد
ويمكن أن يرتفع الطلب على أجهزة التحكم والتصرف في استهلاك الطاقة في ظل المشاكل، التّي تواجهها البلدان في التزوّد بالطاقة وتوجيهها نحو سياسات الترشيد والبحث عن مصادر الطاقة المتجددة لتخفيض البصمة الكربونية.
ورغم أنه لا توجد أرقام ومؤشرات عن تطور استعمالات هذه الاجهزة في تونس، فإن المسؤولان في شركة “واتناو” الناشئة يعتقدان أن السوق المحلية متجهة نحو التطور بما أن تونس تسير نحو تطبيق الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاق باريس في ما يخص تخفيض بصمتها الكربونية والتوجه نحو استهلاك أقل للطاقة الاحفورية ودعم الطاقات المتجددة واعتماد سلوكيات النجاعة الطاقية.