من “طلوع الروح” الى “مغيلة سفوح الدم” : ذكريات المكان ورجع الزمان في سرديات محمد بوعود
تونس – الجرأة نيوز: محمد عبد المؤمن
كثير ممن كانت لهم اللغة العربية اختصاصا أكاديميا دخلوا غمار الصحافة وافتكتهم صاحبة الجلالة لكن قليل منهم من صمد وعاد ” لحبه الأول” ولم تنسه لغة الخبر والروبرتاج والحوار والتحليل السياسي والاقتصادي انه مبدع وأديب .
الأدب معاناة لكنه في الحقيقة حب وعشق وتماه مع اللغة فهي الوسيلة وهي الغاية في آن .
من الجميل ان نسأل هنا او نتساءل … كيف يمكن الخلاص من سطوة لغة الصحافة والرجوع الى لغة الابداع لبناء او لنظم نص جمالي والرواية وان كانت سردا فهي جمالية اللغة والمشهد والصورة والخيال .
لكنه خيال مشبع بالواقع وهو ايضا ليس بواقع .
بل هو عالم آخر يحسبه الظمآن الحقيقة لكنه حقيقة أخرى قد تكون المنشود كما قال احدهم.
الرواية والحدث
مجال القول او قادحه هنا أثران للصحفي بل عفوا للأديب محمد بوعود الأول اختار له من الاسماء ما لم يحبها ” طلوع الروح” . أعتقد…
وطلوعها هنا وان كان يحيل على الموت والرحيل والنهاية او البداية كل وايمانه فانه ايضا يذهب بنا نحو الشوق للمكان والزمان.
شوق للوديان في الوطن القبلي.
كنت عرفت الوديان أو قرية الوديان لكن بعد ان صارت فعلا كذلك فلم يبق منها الا رسمها ومعاناة لأهلها يتجرعون مرارة زمن ولى وانقضى عندما كانت هناك حياة أو هي متعة حياة.
رواية طلوع الروح قد تكون استرجاعا للذكرى او هي الذكريات وقد تكون حنينا ومرارة فمعها لا تملك الا ان تتذكر وتضيع مع الراوي وشخوصه وشخصياته في الماضي .
ومعه يحضر الحلفاء والمحور والألمان وايضا الفرنسيون لكن القصة هي قصة أبناء الوديان لا قصة انفجار وصوت قطع صمت الليل وسكونه.
مغيلة
مع مغيلة سفوح الدم هناك عالم آخر وواقع آخر تقدم بنا في الزمن عقودا ليحول الاحداث الى مغامرات وحركة واحداث متسارعة وكأننا ازاء فيلم سينمائي او لعلها رواية السينما المعاصرة التي تعطي القارئ ما يريده .
تحدث احدهم عن رواية مغيلة فقال خلت نفسي احضر او اشاهد معارك في افغانستان مع طالبان لكن الحقيقة اننا لسنا في كابول ولا تورا بورا بل في مغيلة وجبل مغيلة.
هل انتقلنا في المكان ؟
لم يعد المكان مهما في ذاته لأن السردية هي رواية تونس الشهيدة كما يقول الثعالبي وتونس الجريحة كما أراد ان يقول الكاتب … ربما .