مشروع قانون تجريم الاعتداء على الأمنيين…مخاوف من تحوله الى عصا غليظة لضرب الحريات
تونس – الجرأة الأسبوعية:
ما حصل يوم امس من مناوشات بين رجال الأمن ومحتجين من الشباب خاصة يمكن النظر اليه كونه حادثة عادية كثيرا ما تحصل يفتح بعدها تحقيق للنظر في صحة كون رجال الامن اعتدوا على المواطنين وبعدها يتم اتخاذ اجراءات تأديبية او يتم تمرير الامر .
هذه المرة الأمر مختلف تماما فالاحتجاجات لم تكن في حملة وينو البترول او وينو الملح او وينو أي شيء آخر بل هو احتجاج ضد مشروع قانون تجريم الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح والمقصود الامن والجيش والديوانة.
هنا علينا ان نفهم ما يحصل فهذا المشروع كان قد عرض منذ 2015 ورفض او بالاصح تم تأجيله بسبب معارضة المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني له بسبب ما تضمنه من فصول هي اشبه بإطلاق يد الامن خاصة لقمع المواطنين .
الفصل الذي احدث اكبر جدل هو رقم 11 مكرر وجاء فيه :
يعاقب بالسجن من ثلاثة اشهر الى ثلاثة اعوان كل من تعمد المس من كرامة وسمعة قوات الامن الداخلي والديوانة بهتك شرفها او اعتبارها قصد تحطيم معنوياتها بالقوة أوالاشارة او الصورة او الكتابة والترويج لذلك باي وسيلة نشر او توزيع او عرض مهما كان محملها.
هذا الفصل احدث سابقا ردات فعل غاضبة وشبهه البعض بكونه فصل لتشريع قمع الامن وتسلطه على المواطن والصحفي والحقوقي على حد السواء لذلك تعطل المشروع برمته .
لكن لماذا يعود اليوم بنفس الروح والمضمون؟
عودة مناقشة مشروع القانون سببه العمليات الارهابية الاخيرة وان كان الجميع يتضامن مع القوات الامنية والعسكرية ويرفض أي مس من حقوقها او الاساءة اليها فان تحويل هذا الامر الى وسيلة لضرب الحريات أمر كان مرفوض من الحقوقيين.
التجربة المصرية
ما يحصل في مصر بعد الانقلاب في 2013 بات كابوسا يؤرق الحقوقيين من سيناريو قد يحصل في أي بلد عربي خاصة تونس التي مستها ريح الحرية والديمقراطية وان كان الانقلاب في تونس امر تجاوزته الاحداث ولم يعد ممكنا الا ان الانقلابات لا تكون عسكرية فقط بل قد تكون على القيم الاساسية التي بنيت عليها الديمقراطية وخاصة الحريات الفردية فأي مواطن لو مرر هذا القانون بمحتواه الحالي يدخل في خلاف مع عون امن او ديوانة يتحول الى مدان ومهدد بالسجن بنص قانوني وهو امر غير مقبول.
مسألة حماية الامنيين والقوات الحاملة للسلاح بصفة عامة لا تعني التضييق على الحريات فحتى القوانين الحالية تجرم الاعتداء على الامنيين لكن وفق ضوابط منطقية لا ان يكون أي انتقاد لها هو اساءة وضرب لمعنوياتها وتشويه لها فمثلا لو فتح ملف صحفي عن فساد في الديوانة او الامن او الجيش فيمكن ان يتحول الملف بسرعة الى تشويه للقوات الحاملة للسلاح ويصبح المدافع عن القيم والرافض للفساد مدان وقد يحكم عليه بالسجن من 3 اشهر الى 3 سنوات .
الاهم من تمرير قوانين بهذا العنف المعنوي والترهيب هو بناء علاقة سليمة بين الطرفين أي المواطن وعون الامن او الجيش وكل من يخطئ يتحمل مسؤولية خطئه لا ان يحاسب طرف واحد ويصنف دائما كونه المدان وهو ما يراد له ان يثبت وفق الفصل 11 مكرر من مشروع القانون المقدم حاليا.
وخير مثال على ذلك ما نراه حاصلا في مصر حاليا فيد الامن والجيش اطلقت بشكل كبير وغير محدود حتى صار قمع المواطن سلوك عادي ودخل في الصورة النمطية أي كانه امر عادي اما تشكي مواطن من امني فهو الاستثناء .
وهو سيناريو بعيد المنال في تونس لكن لا يجب ان يترك له أي مجال لنراه عندنا.
مروان
هذا المقال نشر في الجرأة الأسبوعية